«العادة السرية».. هل حرّمها الإسلام؟!

قبل أن أدخل في البحث لا بد أن أقدم مقدمة.

اشترك في قناة «الأئمة الاثنا عشر» على تليجرام

حينما تريد أن تتطرق إلى هذا الموضوع إما في مقالة أو في محاضرة أو على المنبر أو في غيره، تأتيك بعض الانتقادات والاشكالات والمنتقدون على عدة أضرب.

١- الضرب الأول هو الذي يجهل الموضوع أصلاً وأساساً.

٢- الضرب الثاني هو القليل الاطلاع.

٣- الضرب الثالث هو المغالط إما عمداً أو سهواً.

قد يقول الأول(مثلاً): هل هذا الموضوع مهمٌ أصلاً وهل هو محل ابتلاء في المجتمع كي تتطرق إليه؟

الجواب: نعم الموضوع مهم جداً أكثر مما يتصوّر، ولو اطلعت على بعض الاحصائيات لعرفت محل ابتلائه.

هل تعلم أن أكثر من 78% من الذكور يمارسون هذا العمل؟

هل تعلم أن 13% منهم بين 26 إلى 30 من عمرهم؟

هل تعلم أن أكثر من 40% منهم متزوجون؟

هل تعلم أن جزءاً كبيراً منهم يمارسها في اليوم 3 مرات، أي في الاسبوع الواحد 21 مرة؟

و..

وقد يقول الثاني: هل ورد هذا في أحاديث أهل البيت عليهم السلام؟

الجواب: نعم و إليك بعض ما ورد:

- قال: سئل الصادق عليه السلام عن الخضخضة فقال: إثم عظيم قد نهى الله تعالى عنه في كتابه، وفاعله كناكح نفسه، ولو علمت من يفعل ما أكلت معه، فقال السائل: فبين لي يابن رسول الله، من كتاب الله نهيه، فقال: قول الله: (فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون) وهو ما وراء ذلك.

- قال النبي صلى الله عليه وآله: ناكح الكف ملعون.

- عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد الله (ع) يقول: ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر اليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب اليم: الناتف شيبه، والناكح نفسه، والمنكوح في دبره.

وقد يشكل الثالث بقوله: أليس هذا استخفافا بالمنبر الحسيني أو المقالات العلمية أو.. حین طرحه؟

الجواب: لا ليس كما تظن، لأنه محل ابتلاء الكثير من الناس، وكذلك هو جار على لسان المعصومين كالنبي(ص) والامام الصادق والباقر(ع).

تعريف الاستمناء

الاستمناء: هو العبث في الأعضاء التناسلية لاستدعاء الشهوة أو خروج المني أو كلاهما.

ولا يخفى على القارئ الكريم أن الاستمناء له أسماء أخرى أمثال: الخضخضة والعادة السرية وجلد عُميرة ونكاح اليد.

يقسم علماء التحليل النفسي الاستمناء إلى عدة أقسام، منهم الدكتور عبد المنعم الحفني في كتاب «الموسوعة النفسية الجنسية» في الصفحة٦٥٤ (الطبعة الرابعة).

ما هي أسبابه؟

هناك أسباب عدة لهذا المرض، نصطفي أهمها:

إضاعة الصلاة

قال تعالى في كتابه الكريم:(فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا). (فسر إضاعة الصلاة بتأخيرها عن مواقيتها).

إذا أضاع الانسان الصلاة فسوف تسيطر عليه نفسه الأمارة بالسوء ويتبع الشهوات ومن تلك الشهوات هي هذا المرض القبيح، لذلك ترى أن أكثر من يأتي هذا العمل هو ممن لا يهتم بصلاته.

مصاحبة رفاق السوء

 فقد يجهل المراهق هذا الفعل كلاً أو بعضاً، لكن يطلعه بعض أصحابه فيبتلي به ويدمن عليه.

الصدفة والفضول

 لما يبلغ الولد سن المراهقة يجهل موضوع الجنس وعالمه، لذلك يحصل لديه الفضول ويحب أن يستطلع، ولذا يجرّه هذا إلى مراقبة والديه وهما عاريان أو لمس أعضاء نفسه وأيضاً قد تكون صدفة، حين يحتك الولد بشخص أو حينما ينام على وجهه فيحس بلذة لم يذقها من قبل، فمن هنا تبدأ مغامراته.

عدم إشباع الشهوة في الجماع

 إذا كان ذا شهوة غزيرة أو لم يتم له الجماع الصحيح، فأيضاً قد يتخذ الاستمناء وسيلة.

حب البديل والتنوع

 ويحدث هذا غالباً في المجتمعات المتحضرة والمرفهة التي همهم البطون وما تحتها.

آثار العادة السریة

لكل فعل أثره، فكذلك هذا الفعل لا يخلو من الآثار وآثاره إما باطنية أو ظاهرية.

آثاره الظاهرية هي التي قد تظهر في تصرفاته أو في جسمه وبدنه كـالعجز الجنسي والإنهاك والرّعشة والشتات الذهني وضعف الذاكرة والعقم ودوالي الخصيتين وانكباب الكتفين واعوجاج الظهر.

ويناسب هنا أن ننقل أقوال بعض المتخصصين والأطباء في هذا المجال.

يقول الدكتور باداديك: تظهر بثور صغيرة ذات لون أبيض قريب إلى الصفرة في الجراح الملتحمة، فإذا ترك الفعل زالت البثور.

الدكتور ريبو: الذي يمارس الاستمناء يكون مضطرباً في مشيته، منحني الظهر ويعتريه الصداع والخور ويبدو عليه حالة المرض.

الدكتور موديس: اصفرار الوجه، بقعة سوداء حول العين، الخمول والكسل، الحياء المفرط، الميل إلى العزلة وضمور الكتفين آثار تظهر على ممارسي الاستمناء.

أما الآثار الباطنية فهي التي قد لا تظهر في جسمه وبدنه، بل قد تكون في روحه وذهنه كـسقوط المبادئ والقيم عنده فيعتبر مثلاً المرأة وسيلة لإخلاء الشهوة فقط.

وكذلك من آثاره الباطنية الكسل والاكتئاب والجُبن والشعور بالحقارة وسوء الظن بالآخرين.

يقول بعض الأطباء قد تكون بعض الآثار غير ملحوظة في سن 15 إلى 20 لكن بعد ذلك تظهر عليه تدريجا.

هنا من باب الإفادة وكذلك من باب «أعلم الناس أعلمهم باختلاف الناس» ننقل آراء بعض المذاهب باختصار شديد.

في مذهب أهل البيت (ع) وعند علماء الشيعة ثابت بالإجماع على أن هذا الفعل حرامٌ شرعاً، و لكن في غير مذهب أهل البيت (ع) هناك من على كراهته و من على إباحته و حتى وجوبه أحياناً.

فالشافعية تقول بحرمته وإليك ما قاله ابن كثير في تفسيره: (وقد استدل الإمام الشافعي، ومن وافقه على تحريم الاستمناء باليد بهذه الآية الكريمة "وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ. إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ" قال: فهذا الصنيع خارج عن هذين القسمين).

وكذلك هو حال المالكية وأكثر الحنبلية.

إما علاجه، فأيضاً هناك علاجات مختلفة الأنواع لكن قبل طرحها لابد أن أذكر شيئاً مهماً.

لما نريد أن نطرح علاجاً لأي شخص ولأي مرض، فعلينا أن ندرك حالته وظروفه التي يمرّ بها، أتعجب من البعض حينما يقول للشاب (مثلاً): عليك حينما تأتيك الشهوة أن تطرد تلك الأفكار، وأن تفعل كذا وأن تنتهي عن كذا.

ألم يعلم أنه «إذا قام ذكر الرجل ذهب ثلثا عقله» فهل تأمر شخصاً بثلث عقل أن يسيطر على نفسه، (لا أقصد تأييد من يفعل هذا الفعل لكن أريد التبيين فقط).

أما عن العلاج فإن العلاج الأفضل والأكمل والأحسن هو:

الزواج

 فإن رسول الله (ص) قال: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباه فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج..).

ومن هنا على الوالدين التعجيل بزواج أبنائهم، وعدم التعلّل بأشياء بسيطة غير مهمة، لذلك ورد في الأحاديث من حقّ الولد على الوالد تزويجه اذا بلغ.

الصوم

في مضمون بعض الأحاديث الشريفة أن الصوم يقطع الشهوة وهذا ثابت عقلاً ونقلاً وكذلك في تكملة الحديث المذكور أعلاه: (.. ومن لم يستطع فليصم، فإن الصوم له وجاء). أي یحفظه من الوقوع في الحرام.

عدم إضاعة الصلاة

 إن الشاب حتى لو كان كثير الشهوة والباه، فمراقبته للصلاة هي التي تصونه وتحفظه، وكما ذكرنا فُسّر عدم إضاعة الصلاة بأدائها في وقتها.

عدم التخم في الأكل والشرب

 أي عدم الإكثار من الأكل والشرب فإن التخم إضافة إلى أنه يفسد البدن ويكسل الروح عن العبادة، فإنه يهيج الشهوة وهذا ما على الشاب أن يحذر منه.

عدم الإكثار من بعض ما يهيج الشهوة كالبصل و التمر و الجزر و الثوم و البيض المسلوق بالبصل و البطيخ و السمك و اللوز و البندق و الكحل و الخضاب و..

وهناك علاجات أخرى ذكرنا أهمها وأنفعها لكم.

وأخيراً لتقوية إرادة الشباب وبعض من يأس من نفسه أنقل لكم أقوال بعض المبتلين بهذا المرض بعد أن تركوا هذا الفعل القبيح:

- أنا شاب في21 من عمري وقد وفقني الله أن أبني حياتي من جديد، بعد أن كنت من المدمنين على هذا العمل وكنت أفعله في كل يوم وليلة وأدمنت على هذا الفعل لمدة 6 سنوات وسُلبت مني إرادتي وضعف إيماني إلى أن تعبت من نفسي وصممت أن أتركه ومتى ما راودتني الأفكار في إتيان هذا العمل تذكرت حديث رسول الله (ص) الذي يقول: ناكح الكف ملعون، واستطعت بحمد الله أن أتركه.

- أنا شاب مدمن لهذا الفعل منذ4 سنوات وقد أصبحت كالشيوخ ولا أستطيع أن أمشي كثيراً فبعد أن أمشي مسافة أتعب ولا أقدر أن أكمل، بدأت عيناي تغور وظهري بدأ يؤلمني، إلى أن في ليلة بعد انتهائي من هذا الفعل نظرت إلى السماء وبدأت أبكي وندمت على ما فعلته طول عمري وقد تركته من تلك اللحظة بمنّ الله وفضله.

- كنت من المدمنين وتركته والحمد لله، وأقترح على الشباب الذين يريدون تركه أن يشغلوا أنفسهم إما بالرياضة أو العمل أو الدراسة فإن الإحصائيات تؤكد أن أكثر مدمني الاستمناء يفعلونه لعدم انشغالهم بشيء.

- انا مراهق في مقتبل عمري، وأعتقد أن أرادة الانسان تفوق كل شيء فإنه إذا أراد شيئاً من قلبه وذاته قدر عليه، فمثلاً بعد أن كنت أفعله في اليوم الواحد مرتين أو ثلاث، تركته الآن وأسأل الله أن يوفق الجميع لتركه.