ابني لا يحترمني.. ماذا أفعل؟

لا يُولد الأطفال ولديهم إحساس داخلي باحترام الآخرين، فهو سلوك مكتسب يتعلمونه من الوالدين والمحيطين بهم، ولا شيء أصعب على نفس أي أم أكثر من أن تكون لديها هذه الشكوى "ابني لا يحترمني".

اشترك في قناة «الأئمة الاثنا عشر» على تليجرام

 فحتى مع محاولة بعض الأمهات تربية أطفالهن على احترام الآخرين، قد يُفاجأن بتصرفات وسلوكيات غريبة منهم، كاستخدام الألفاظ البذيئة مع أفراد الأسرة، أو رفض الاستجابة للتعليمات دائمًا، أو التحدث بأسلوب غير محترم، أو السخرية من الآخرين، وغيرها من الأشياء التي قد تعرض الأم للحرج، وتشعرها بالحزن لأنها لم تنجح في تربية أبنائها، فإذا كان طفلك يُبدي سلوكيات غريبة، ولا يتعامل باحترام معكِ أو مع والده.

ابني لا يحترمني لماذا؟

لو فكرتِ عزيزتي قليلًا في الأمر، فإن الأطفال يعبرون منذ اللحظة الأولى لولادتهم عن رغباتهم بالبكاء والصراخ، وهو أمر غريزي، ثم يكتسبون بعد ذلك من البيئة المحيطة بهم السلوكيات والطرق المحترمة للتعبير عن رغباتهم والتعامل مع الآخرين، ومع تعلم الطفل الكلام، والتعبير عن الرفض، يبدأ بالشعور بمزيد من الاستقلالية، والرغبة في فرض رأيه والتمسك به، ما قد يدفعه لرفض التعليمات الموجهة له، والتعبير عن ذلك بطريقة قد تبدو لكِ غير مناسبة، وبصفة عامة قد يتعامل الطفل بطريقة غير محترمة نتيجة عدة أسباب تعرفي إليها فيما يلي:

 أسباب عدم الاحترام

قد تلاحظين تغير أسلوب طفلك معكِ كأن يقاطعكِ في أثناء حديثك، أو يسخر من أسلوبك في الكلام، أو ينظر إليكِ بعدم اكتراث في أثناء توجيه التعليمات له، والسبب في ذلك قد يكون:

1- سلوك مكتسب: الطفل كالإسفنجة يكتسب معظم سلوكياته من المحيطين به، بل إن وسيلته الأولى للتعلم التقليد والمحاكاة، لذا راقبي تصرفاتك عزيزتي، وكذلك تصرفات أفراد الأسرة وأصدقائه، لاكتشاف ما إذا كانت طريقته غير المحترمة هي سلوك مكتسب من المحيطين به أم لا.

2- رد فعل: في كثير من الأحيان نركز على رد الفعل، ولا نلقي انتباهًا للفعل نفسه، هل ركزتِ من قبل على الألفاظ التي تستخدمينها مع طفلك وأسلوبك معه، هل تطلبين منه الأشياء بأسلوب جيد؟ هل تنعتينه بألفاظ بذيئة أو تستخدمين معه السباب والشتائم كنوع من المزاح؟ أجيبي عن هذه الأسئلة، ولا تتوقعي أن تعاملي طفلك بطريقة غير محببة له، ويعاملك بأسلوب محترم.

3- جذب الانتباه: قد يكون أسلوب طفلك غير المحترم طريقة لجذب انتباهك، خاصةً إذا وجد منكِ عدم اهتمام، فعندما يرى الطفل أنكِ تنتبهين له عندما يستخدم ألفاظًا بذيئة أو صوتًا عاليًا، يكرر الأمر لجذب انتباهك له مرة أخرى.

4- مشكلات أسرية: الخلافات بينكِ وبين الأب من أكثر الأسباب الشائعة للسلوك العدواني والعنف والأسلوب غير المحترم لدى الأطفال، خاصةً إذا كانت دائمة وتتضمن إساءات لفظية أو جسدية.

5- تأثير الوسائط المتعددة والمحتوى الإعلامي: معظم ما يُصدر للأطفال من المسلسلات والأفلام أو الفيديوهات على يوتيوب، يجعلهم يعتقدون أن العنف واستخدام الصوت العالي أو الألفاظ البذيئة أشياء توحي بالقوة والتميز، لذا ينشأ الطفل وهو يرى أن عدم الاحترام أو رفض الاستجابة للأوامر والتعليمات أو حتى التنمر على أصدقائه أو السخرية منكِ ومن أفراد أسرته، وسيلة لإظهار قوته وشعوره بالاستقلال. الآن بعد أن تعرفتِ إلى أهم أسباب عدم احترام الأبناء، اكتشفي فيما يلي كيفية التغلب على هذا الأمر.

كيف أجعل طفلي يحترمني ويسمع كلامي؟

 تغيير سلوك الطفل وإكسابه عادات جديدة أمر لن يأتي بين ليلة وضحاها، ما يحتاج منكِ للصبر والتمهل وعدم تعجل النتائج، ويجب عزيزتي التفرقة بين أن يحترمك طفلكِ، وبين أن يسمع كلامك، فالرضوخ للتعليمات والأوامر لا يعني بالضرورة أنه يحترمك، وربما يرضخ فقط لتفادي غضبك أو عقابك، أما أن يستجيب لكِ الطفل لأنه يحترمك، فهذا ينشأ من الثقة المتبادلة بينكما، وعدم إجباره على القيام بأمور دون نقاش، والاستماع لوجهة نظره واحترام رفضه، وسنخبركِ فيما يلي ببعض النصائح لتجعلي علاقتك مع طفلك يسودها الاحترام والحب.

كيف أصحح العلاقة بيني وابني ليسود الاحترام والحب؟

الخطوة الأولى تقع على عاتقك عزيزتي، فإذا أردتِ أن تجعلي علاقتك مع طفلك مبنية على الاحترام، فيجب أن يكون أسلوبك معه محترمًا، وأن تختاري ألفاظك بحرص، وفيما يلي بعض النصائح، لتجعلي الاحترام لغة مشتركة بينكِ وبين طفلك:

1- اكتشفي السبب وراء أسلوبه: اكتشفي السبب وراء طريقة طفلك في التعامل، هل يتعامل بأسلوب غير محترم لأنه يشعر بالإهمال ويريد جذب انتباهك؟ هل هو سلوك مكتسب من أحد الأصدقاء أو أفراد الأسرة؟ هل شعور بالغضب من طريقتك معه؟ وبمجرد اكتشافك للسبب، سيكون من السهل عليكِ التعامل معه وحل المشكلة.

2- كوني هادئة: إذا تعامل طفلك بأسلوب غير محترم، لا تثوري أو تتعاملي بطريقة حادة معه، كوني هادئة على قدر الإمكان، وتواصلي معه بصريًّا، ثم أخبريه بأنكِ لن تتحدثي معه، أو تلبي طلباته إلا إذا عاملكِ باحترام.

3-  كوني قدوة: طريقتك تنعكس على طفلك لأنه يراكِ قدوة، لذا كوني مثالًا جيدًا له، وعندما ترغبين في شيء منه، استخدمي عبارات مثل: "من فضلك" أو "لو سمحت" وغيرهما، ولن تحتاجي لأن تطلبي من طفلك أن يستخدمها لأنه سيعتاد عليها منكِ، وهكذا تعاملي بالطريقة التي تحبين أن يتعامل بها طفلك معكِ.

4- تحدثي معه: احتضني صغيرك، واجلسي معه، وتحدثي بنبرة صوت هادئة، واسأليه لماذا يتعامل بهذه الطريقة، واستمعي له، ولا تقاطعي حديثه، فربما تكتشفين أن طريقته هذه بسبب مشاعر غضب، أو نتيجة تنمر في المدرسة أو غيرها، أخبريه بأنكِ تحبينه وتدعمينه، وأنكِ تودين رؤيته أفضل، وأنكِ ستساعدينه على تغيير طريقته.

5- ضعي حدودًا: نعلم أن وضع حدود قد يكون أمرًا صعبًا، خاصةً مع الصغار، ويخشى بعض الأمهات من وضع حدود خوفًا من أن يفقدن حب الطفل أو صداقته، ولكن في النهاية حتى لو تعاملنا مع أطفالنا كأصدقائنا، سيظلون أطفالنا الذين يحتاجون إلى التوجيه والنصح والتربية، لذا ضعي حدودًا لطريقة التعامل، وعلى طفلكِ أن يعي أن هناك ألفاظًا غير مسموح باستخدامها، وفي حال استخدامها بعد تحذيرك، سيتعرض للعقاب.

"ابني لا يحترمني" رغم أنها شكوى قد تكون محبطة ومؤلمة لكِ، فإنه أمر شائع وطبيعي أن يمر طفلكِ بفترة تتغير سلوكياته فيها، حتى لو كان معتادًا على استخدام أسلوب محترم من قبل، خاصةً إذا ذهب إلى المدرسة أو بدأ يحتك بالعالم الخارجي، تحلي بالصبر وإذا استمر الأمر حتى مع محاولاتك، يمكنكِ استشارة اختصاصي نفسي.

*سارة أحمد