كيف تتعامل مع زوجة متقلّبة المزاج؟

اضطراب المزاج حالة طبيعية تنتاب جميع البشر لكنها أكثر التصاقاً بالمرأة، فهي دائماً الأكثر حساسية فنجد أن أغلب النساء يشعرن بالفرح تارة والحزن تارة والغضب والتوتر والقلق تارة أخرى، حتى أن تقلبات المزاج أصبحت مرتبطة بهرمونات الأنوثة لكن هناك الكثير من السيدات والفتيات يعشن تقلب المزاج يومياً دون أن يعرفن أسباب ما يحدث لهن.

%90 من السيدات يتعرضن لتغيرات المزاج في فترة نزول الطمث وتختلف حدة الأعراض من سيدة إلى أخرى على حسب السن وطبيعة الهرمونات.

في البداية، يؤكد الدكتور حاتم محمد حسن، أستاذ طب النساء والولادة بكلية طب القصر العيني بالقاهرة، أن 90% من السيدات يتعرضن لتغيرات المزاج في فترة نزول الطمث من كل شهر، وتختلف حدة الأعراض من سيدة إلى أخرى على حسب السن وطبيعة الهرمونات لديها، وتشمل التغيرات الكثير من الأعراض المزاجية كالضيق والقلق والتوتر والاكتئاب.

أسباب تقلب مزاج الزوجة

1- التحولات الهرمونية

ويقول د. حاتم محمد حسن «السبب في هذه الأعراض لا أحد يعرفه بشكل قاطع، لكن في الأغلب يكون بسبب التحولات الهرمونية التي تحدث في هرمون الإستروجين والمعروف بهرمون الأنوثة، فالفترة السابقة لنزول الدورة، تتراوح مستويات الإستروجين ما بين الارتفاع والانخفاض بشكل كبير، ويستقر الأمر بعد بدء نزول الدورة بيوم إلى يومين، وهذه التحولات قد تؤثر على مزاج المرأة وسلوكها».

2- الحمل وخاصة الحمل الأول

ويشير استشاري النساء والتوليد إلى سبب آخر لتقلبات المزاج لدى المرأة وهو الحمل وخاصة الحمل الأول، حيث تتعرض أغلب النساء لحالة من الاكتئاب منذ بداية حملها وقد تمتد هذه الحالة لمدة عام كامل وربما عامين كاملين حتى تتأقلم هي وزوجها على المسؤوليات الملقاة على عاتقهما من تبعات الحمل ووجود طفل جديد تعتبر هي المسؤولة عنه تماماً.

ويلفت الدكتور حاتم حسن إلى بعض التغيرات الفسيولوجية المرافقة للحمل خاصة الأول للمرأة والتي تتركز في تغير ملامح الوجه وانتفاخ الجسم وتورمه وزيادة الوزن، ويبين «كل ذلك يصيب المرأة بمخاوف وقلق زائد لأنها مهما تلقت من تأكيدات أن الأمر سينتهي بمجرد الولادة وتعود لحالتها الطبيعية بعدها يظل لديها العديد من المخاوف. كما تتغير الحالة العاطفية للزوجة لتتحول إلى مخلوق حساس لأقصى درجة وتتأثر بكل شيء وأي شيء حتى أبسط الأمور، وقد تنتابها حالات من البكاء المفاجئ بدون أدنى سبب، وتزداد حالتها سوءاً عندما لا تجد الدعم النفسي من الزوج أولاً ومن المحيطين بها ثانياً، فهي تتوقع من الجميع مساندتها في هذا الوقت بشكل غير عادي».

وينصح استشاري أمراض النساء السيدات الحوامل وأزواجهن بالقراءة واستكشاف التغيرات النفسية في فترة الحمل، ويرشدهما للطرق الصحيحة للتخلص من حالة الاكتئاب التي تصيب الطرفين معاً، فالرجل أيضاً يتعرض مثل المرأة لحالة من الاكتئاب نتيجة التغيرات الفسيولوجية للزوجة ونقص اهتمامها به بالإضافة للمسؤوليات التي في انتظاره بمجرد وصول المولود الجديد.

كما يشدد د. حاتم حسن على الأزواج بعدم الاستسلام لحالات الاكتئاب التي تحدث نتيجة تكشيرة الزوجة وعبوسها داخل البيت والتي تسبب الحزن والنكد الدائم لباقي أفراد الأسرة من الزوج والأولاد.

3- مستجدات سن اليأس

ويتفق معه الدكتور عمرو يسري، استشاري الطب النفسي بالقاهرة، في أن المرأة في فترات الدورة الشهرية والحمل والولادة وما بعدها تتعرض للكثير من الضغوط النفسية التي تجعلها متقلبة المزاج.

لكنه يكشف عن سبب آخر للقلق والتوتر لدى بعض السيدات خاصة على مشارف سن الأربعين وما بعدها «أغلب النساء عندما يصلن إلى هذه السن يتعرضن لحالة من الاكتئاب وقد تمتد هذه الحالة لمدة أعوام حتى تتأقلم مع المتغيرات الفسيولوجية المرافقة لهذه المرحلة العمرية».

ويضيف «نزول الدورة الشهرية من الأمور الطبيعية في جسم المرأة، ومع انقطاع الطمث تعاني النساء أعراضاً نفسية وجسدية كثيرة وقد تعاني الاكتئاب والحزن لبلوغها مرحلة سن اليأس وانقطاع الطمث، قد تحدث هذه المرحلة في بداية سن الأربعين إلا أنها عموماً تبدأ في سن الخامسة والأربعين وتمتد حتى سن الخمسين وفي الغالب فترة الدورة الشهرية تكون وراثية».

لكن انقطاع الدورة الشهرية في سن مبكرة يؤدي لمشاكل نفسية وصحية كبيرة لذلك يجب أن تتابع المرأة أسباب انقطاع الطمث مبكراً مع طبيب متخصص لأن الانقطاع المبكر للطمث يؤدي إلى هشاشة العظام وضعف الذاكرة والمعاناة مع أمراض مختلفة مثل الروماتيزم والزهايمر ويسبب أيضاً نقصاً في هرمونات الجسم مما يؤثر في الغدة النخامية الخاصة بالذاكرة».

لكن استشاري الطب النفسي يدعو النساء على مشارف الأربعين ألا يستسلمن لمشاعر القلق والتوتر وألا يسرفن في مسألة القلق على أنوثتهن، وأن يولين اهتماماً أكثر بالحفاظ على صحتهن الجسدية والتخلص من المشاعر السلبية بممارسة الرياضة اليومية والحفاظ على الرشاقة والأناقة واللياقة البدنية، وألا يبخلن في الحفاظ على صحتهن بمتابعة الأطباء وتناول العلاجات المطلوبة للحفاظ على لياقتهن الجسدية والنفسية.

ويرى د. عمرو يسري أن الزوج يقع عليه عبء التعامل بحساسية مع كل ما يخص زوجته في فترات التغيرات المزاجية والنفسية، بدءاً بنزول الطمث ثم الحمل والولادة ثم فترة انقطاع الطمث، فهي في كل هذه المراحل تحتاج للدلع والحب والدلال كما كانت في بداية الزواج وأكثر لأن ذلك يزيد من ثقتها بنفسها بشكل كبير ويمنحها القدرة على مواجهة كل ما يطرأ عليها من تغيرات بما فيها آلة الزمن بقوة وبلا توتر وقلق.

4- ضغوط الحياة والمسؤوليات الجسيمة

أما الدكتورة نانسي ماهر، خبيرة العلاقات الأسرية والعلاج الزواجي بالقاهرة، فترى أن الكثير من تقلبات المزاج لدى النساء تكون بسبب الإجهاد والتعب وعدم حصولها على قدر كاف من النوم، لذلك مثلاً نجد أن السيدة الحامل أو التي لديها طفل صغير حديث الولادة من أكثر السيدات صراخاً لأنها في هذه الفترة تمر بفترات عصيبة من الإجهاد والتعب كما أنها تمر بمتغيرات نفسية كبيرة تجعلها متقلبة المزاج وقلقة وأكثر عرضة للتوتر سواء نتيجة متاعب الحمل والثقل أو القلق على الجنين أو الخوف من الولادة وغيرها.

وللأسف الكثير من الأزواج يجهلون العامل النفسي للحامل والأم حديثة العهد بالأبناء فهي فترة اضطرابات هرمونية لكل سيدة خاصة إذا شعرت أنها مهملة من أفراد عائلتها وزوجها لا يبالي بما يحدث لها.

وتضيف د. نانسي ماهر «لذلك كثيراً ما أدعو الأزواج بشكل خاص إلى الاهتمام باحتواء الزوجة خاصة في سنوات الزواج الأولى والاهتمام بمعرفة ما يؤرقها وما يزعجها، فباحتوائه لها تقل عصبيتها وتهدأ كثيراً لأنها تشعر أن هناك من يهتم لأمرها ويشعر بها».

كيف يتعامل الزوج مع الزوجة متقلبة المزاج؟

ضبط النفس والتعامل بحكمة

ومن جانبه يؤكد الدكتور أحمد علام، استشاري العلاقات الزوجية والأسرية بالقاهرة، أن استقرار العلاقة الخاصة بين الزوجين كفيل بتحسين الحالة المزاجية لدى السيدات وتقليل المشاكل والنكد فيما بين الزوجين. ويرى الاستشاري الأسري أن التعامل مع الزوجة متقلبة المزاج يجب أن يكون فيه نوع من الصبر وضبط النفس بالمقام الأول ثم بالحكمة والسياسة في الأفعال وردود الأفعال.

 

ويشرح «كثير من النساء يتعرضن لضغوط الحياة بما تحمله من أعباء ومشاحنات سواء في علاقتها الأسرية الخاصة أو الإنسانية بصفة عامة مما يؤدي للتوتر والقلق والانفعال الذي ينعكس بدوره على صحتها الجسدية ويؤدي إلى إضعاف الجهاز المناعي فيقلل من قدرتها على العطاء ومواصلة العمل».

التزام الصمت أثناء التقلبات المزاجية للزوجة

وينصح الدكتور أحمد علام الأزواج بضرورة التزام الصمت أثناء التقلبات المزاجية للزوجة فهي من أهم الأمور التي تجدي نفعاً، وبإمكان الزوج مناقشة الزوجة بعد هدوئها ورجوعها إلى حالتها الطبيعية، كما أنه يجب عليه أن يستمع لها عند تقلب مزاجها فلكل شخص أسلوب في إظهار ضيقه وغضبه والأهم ألا يواجه الزوج حلات انقلاب مزاج زوجته وصراخها بالاستهزاء لأن ذلك يزيد من غضبها.

* كل الأسرة