نصائح للأهل والأولاد مع بدء الامتحانات

من الطبيعي أن تولد الامتحانات نوعاً من القلق، للوالدين وللطلبة معاً، خصوصاً وأنها تحدد مستقبل الطالب والطريق الذي يختطه في حياته، كما إنها تشكل عبئاً إضافياً لأن الطالب يشعر بأن الامتحانات تعتبر نوعاً من التقييم لشخصيته، ذكائه ونجاحه، من خلال تأكيد المجتمع على ذلك واعطائها قيمة عليا، وكثيراً ما يردد المعلمون والآباء: (عند الامتحان يكرم المرء أو يهان).

اشترك في قناة «الأئمة الاثنا عشر» على تليجرام

وبالتالي يعيش الطالب ضغطاً نفسياً مضاعفاً وقلقاً ضاغطاً، وكذلك الأهل، الذين يراقبون في تلك الفترة سكناته وحركاته، وهذا الاضطراب هو بحد ذاته عامل يهدد أمن الطالب ويفقده الهدوء والسكينة اللازمين لاستحضار الدروس وحفظها، فإن النفس إذا اضطربت وزاد بها الخوف لا يمكنها التركيز على صورة الأشياء وحفظها واستذكارها بصورة جيدة، وتكون الحالة، كالصورة المرتسمة على الماء المتحرك والمتموج فإنها تتحرك ولاتستقر ولاتثبت فلا تبين معالمها بوضوح.

إذن أهم مسألة هو أن نعمل على اطمئنان الطالب وابتعاده عن القلق.

فمن الطبيعي ان نؤكد له على أهمية الدراسة ولكن لنطلب منه أن يؤدي دوره فيجد ويجتهد دون أن يقلق، لأنه إن درس وبذل جهده سيكون مرتاح البال ومرتاح الضمير، سواء أفلح أو جاءت النتائج دون توقعاته، وكما قال الشاعر:

على المرء أن يسعى بمقدار جهده وليس عليه أن يكون موفقاً، فإن الطلاب ليسوا متساوين في الذكاء، كما أن التوفيق ليس منحصراً في الطب أو الهندسة، بل ليس منحصراً في التعليم وهناك في تاريخ العالم القديم والمعاصر أمثلة كثيرة لناس موفقين ومتميزين لم يكملوا تعليمهم أو لم يكونوا بارزين في مدارسهم.

والأمر الآخر الملازم لما ذكرناه، تهيئة الأجواء المريحة والهادئة في البيت والابتعاد عن ضوضاء التلفزيون والكمبيوتر وغيره، ولو على حساب راحة بقية العائلة وتضحيتها ببعض خصوصياتها، فإن الضوضاء والفوضى تمنع الطالب من التركيز وتشتت ذهنه خصوصاً الاضطرابات العصبية والشجار والكلام بصوت مرتفع.

ومن المهم تعزيز ثقة الطالب بنفسه واشعاره بالاحترام وبقيمته، بدلاً من لومه وتقريعه وتنبيهه بكلمات قاسية، فإن التشجيع له دوره الفعال في حث الطالب ولاينفع الاكراه في مثل هذه الحالات.

ومن ثم الاهتمام بتغذية الطلبة في أيام الامتحانات بالغذاء الذي يوفر لهم الفيتامينات والسكريات اللازمة للعمليات الذهنية والابتعاد عن الدهون والأكلات الثقيلة التي تولد الخمول والترهل.

والعمل على تناول البسكويت والوجبات الخفيفة، بين الوجبات الرئيسية، كما ينبغي تجنب أكل البيض والأكلات الثقيلة في افطار يوم الامتحان، والتزود بدل ذلك بالإفطار المعتاد مع العسل والمربى، لتوفير السكريات اللازمة للمخ.

ومن ثم تنظيم النوم، فإن السهر الكثير يفقد القدرة على التركيز والمذاكرة، فلابد أن يأخذ الطلبة استراحات ولو قصيرة لغرض الراحة واستعادة النشاط.

وتنظيم الوقت مهم والاستفادة من أوقات الهدوء وصفاء الذهن، كالصباح المبكر أو الليل، بحسب اعتياد الطالب دون اجباره على ذلك، وينبغي أخذ استراحة بعد الطعام، حتى يهضم ويسترخي الجسم، ومن ثم معاودة الدراسة، والعمل على كتابة جدول للمطالعة حتى لا يضيق الوقت في آخره فيضطرب الطالب وتزدحم عليه المطالب.

ومن الأمور المهمة أيضاً طريقة المطالعة، فإن من الأفضل أن يقرأ الطالب في البداية العناوين الرئيسية، حتى يأنس بموضوعات الكتاب، كما لو أنه يتعرف على شخص ليصادقه، ومن ثم يلقي نظرة على العناوين الفرعية لكل موضوع يريد قراءته ابتداءً وبعدها يقرأ التفاصيل، ويعمل في أن يقرأ بتركيز دون ان يلتفت الى ما يحيطه من أشياء او أفكار اخرى.

ويقرأ ما يقرأ بشوق وتلهف لاستزادة علم ومعرفة، لا بتذمر وكأنه مجبر على دراسة شيء لا يحبه لأن الأمر المستكره لا يستقر في النفس، بل تحاول التخلص منه.

ومن المفيد أن يقوم الطالب بكتابة العناوين المهمة وتلخيص المطالب في دفتر أو أوراق ليراجعها عشية الامتحان وصبيحة يومه، وإن كان الوقت لا يسمح لذلك فيمكنه التأشير بالقلم، أو الألوان على تلك المطالب في نفس الكتاب، حتى يستذكرها كلما شاء.

وأخيراً من المفيد جداً أن يتوكل الطالب وأهله على الله تعالى ويقرأ بعضاً من آيات القرآن، وأن يبتدأ من مذاكرته ببسم الله الرحمن الرحيم... فإن كل ذلك يبحث في نفسه الاطمئنان الى حاضره ومستقبله، وأن يواصل درسه بجد ونشاط وأمل.

وختاماً نؤكد مرة أخرى أن الطلبة متفاوتون في قابلياتهم وأن الأفراد مختلفون في توجهاتهم فربما كان بعضهم أميل للعمل وآخرون للدراسة وهذا ليس افتراضاً بل هو حقيقة علمية، ويكون توفيق الانسان إذا اتجه الى ما تميل إليه نفسه ولديه الاستعداد له، كما إن المهم أن يبدع الانسان في الحقل الذي يعمل فيه، مهما كان نوع تخصصه، وليس الأهم أن يكون ذلك التخصص مما اشتهر بين الناس، كما إن السعادة ليست منحصرة في علم أو مال... وكل هذا يدعونا الى التعامل مع مسألة الامتحانات بهدوء واطمئنان، فليس المراد بالامتحان الذي يكرم المرء فيه أو يهان... امتحان البكالوريا، وإنما المراد امتحان الحياة بما فيها من مفترقات بين الخير والشر.

وطبيعي أن ذلك كله لا يحول دون أن يبذل الانسان، قصارى جهده لينال ما يرغب، فمن جَدّ وَجَد، ولكن علينا بذل الجهد ومن الله التوفيق ليختار لنا ما هو أعلم بمصلحتنا فيه.

ريحانة الإلكترونية