من الصراخ إلى الكلمات.. الأم مسؤولة عن نطق ولغة طفلها

د. علي القائمي:

تعتبر الأم أول شخص يتعرف عليه الطفل، ويفتح عينيه برؤيتها، ويتعلم منها أول كلمة ينطق بها. المهم هو ما هي الكلمات التي يتعلمها الطفل منها؟ وكيف ستنسجم لغته بلغتها؟

اشترك في قناة «الأئمة الاثنا عشر» على تليجرام

تعلم اللغة لها أهمية خاصة لأنها الوسيلة لبيان الأفكار والمشاعر وأداة النقل للتراث الثقافي، ولا شك أنه كلما كانت هذه الوسيلة غنية وكاملة ومرتكزة على أسس فكرية فستكون أهميتها أكبر، فالطفل يتعلم اللغة في أحضان أمه وستكون الأداة التي تفسر له المسائل وتكشف له أسرار الحياة.

الوقت اللازم لتعلم اللغة

يستلزم تعلم اللغة صبرا ومثابرة ووقتا قد يطول، ويحتاج الإنسان إلى أعوام لكي يستطيع أن يسيطر على لغة ويتحدث بها، نرى بعد مرور أكثر من 30 سنة أن الجميع لا يستوون في درجة تعلمهم المدارج الثقافية للغة وليسوا قادرين على التعبير عما يختلج في وجدانهم بأسلوب واحد، ولذا يجب أن لا نتوقع من الطفل أن يستعمل العبارات الأدبية والفكرية سريعاً. وثانياً يجب الاستمرار والمثابرة في تعليم اللغة للطفل لكي تتركز الكلمات واستعمالها الصحيح في ذهنه جيداً وتستوجب هذه المهمة الصبر والأناة الكافيين، فإكراه الطفل على الكلام له عواقب وخيمة وليس مستبعدة أن يؤدي إلى لكنته وتأتأته فيها.

مراحل التكلم

يبدأ التكلم عند الطفل في مرحلة الصراخ، بمعنى أنه يستفيد من الصراخ وسيلة للتعبير وبالتدريج تتحول هذه الأصوات إلى تهجي بعض الكلمات المستندة إلى مخرج معين في الفم ولا يزال الطفل في هذه المرحلة ليس قادراً على التعبير، تتحول بعد ذلك هذه التهجيات إلى كلمات بسيطة من حرفين أو ثلاثة حروف يستعملها الطفل بدلا من عبارات طويلة أو قصيرة للتعبير عن احتياجاته وبالتالي يصل إلى مرحلة الاستفادة من العبارات صحيحة كانت أو مغلوطة ولا يستطيع جميع الأطفال تعلم اللغة بنفس السرعة والمدة.

السنين المهمة

تعتبر مرحلة الطفولة من المراحل المناسبة لتعلم اللغة وتكون بالنسبة للطفل في مراحلها الأولى نوعين من اللعب، وتأخذ طابعها العادي بالتدريج حيث يحاكي الطفل أصوات الآخرين ويشعر بالسرور لذلك إلى أن يبدأ بمرحلة محاكاة صوته، فيجب التعامل مع هذه المرحلة بحذر شديد.

للعمر من ۱-۳ سنوات أهمية بالغة لتعلم اللغة فهي من السنين التي يبدأ فيها الطفل محاكاة أصوات الآخرين، فيحاكي ويكرر كل ما يقوله الكبار فيجب التكلم معه بتؤدة ووضوح کاملين واستعمال الكلمات والعبارات البسيطة في تركيبها والسهلة في مضامينها.

إن تصحيح الأخطاء اللفظية للطفل له أهمية خاصة في هذه السنين من عمره، ولكن لا يجب الإلحاح والإصرار في ذلك، لأنه سيؤدي إلى نتائج عكسية وسيبدأ الطفل بأداء الكلمات بصورة ناقصة غير تامة مما يعتبر نقصا وعيباً له.

من المهم في تعليم اللغة هو أن يدرك الطفل سريعاً معاني الكلمات ودلالاتها كي تكون عاملاً مشجعاً له على متابعتها وتعلمها. يساعد الاستعمال المكرر للكلمات على تركيزها في ذهن الطفل، ويبحث هو عن مثل هذا الوضع يعني تصيده للكلمات وإصراره على معرفة كل ما يدور حوله.

مقتطف من كتاب دور الأم في التربية