أجداد يتدخلون في تربية الأحفاد.. هل يصلحون لتربية هذا الجيل؟!

يعد منزل الأجداد الملاذ الآمن للأبناء بالنسبة إلى الآباء والأمهات العاملين في جميع الأوقات، ويعتبر بديل للحضانات، التي تواجه عزوفا من قبل الأسر، بسبب خوفها على سلامة أبنائها، ولكن يمكن أن يؤدي تدخل الأجداد في تربية الأحفاد إلى خلافات قد تؤثر على العلاقات الأسرية سلبا، وقد تحرم الأجداد من رؤية الأحفاد.

اشترك في قناة «الأئمة الاثنا عشر» على تليجرام

فالأحفاد يحتلون مكانة مميزة لدى أجدادهم لدرجة قد تدفعهم للتدخل في شؤونهم وفي أدق تفاصيل تربيتهم، مما يجعل بعض الآباء والأمهات يرفضون هذا الدور من الأجداد والجدات بحجة إفساد الأبناء بالتدخل السلبي في طريقة تربيتهم لأبنائهم.

ترى الجدة غالينا طه أن العلاقة بين الجد والحفيد لا تخلو من بعض التوترات المتمثلة باختلاف الفكر والزمن والعمر وكذلك صراع الأجيال والطباع، لكنها عرفت كيف يمكن التعامل معهم والحد من الصراعات والتشنجات قدر الإمكان، وغالبا ما تتعلق النزاعات بالانضباط والوجبات التي يتناولها الأطفال، والوقت الذي يقضونه أمام التلفاز والشاشات، هذا بالإضافة إلى وجود موضوعات شائكة أخرى مثل الآداب والسلامة والصحة ووقت النوم.

وبنظر طه، فأطفال اليوم لا يعجبهم العجب ويختلفون كثيرا، لكنها لا تحاول التدخل في التربية، ولا تعتمد التوبيخ أو العقاب، لأنهم بالنسبة لها أغلى من الأولاد.

توضح طه بأن عليها الوعي والصبر واتخاذ القرارات الصائبة، فالجدة تكون صبورة وتمنح الحفيد الوقت لإنجاز عمل ما، ونادرا ما تغضب إذا ما تأخر، لأن الجد أو الجدة، حسب قولها، أقل تطلبا من الوالدين المشغولين وأكثر استرخاء.

الأجداد أكثر صبرا

أما الطبيبة الشابة كاترين طه (ابنة غالينا طه)، فتعتبر بأن مشاركة والدها ووالدتها في تربية أبنائها تجعلها تشعر بالأمان، وأن لديها مرجعا دائما في حال مقابلة المواقف المختلفة، وعدم القدرة على اتخاذ القرار الصائب تجاهها، لذلك تلجأ لوالديها لاستشارتهم، فهي متأكدة بأنهما سيفيدانها بالقرار الصحيح، لأن مصلحة أبنائها بالنسبة لهما في المقام الأول، وإذا وجد اختلاف في وجهات النظر تعمل جاهدة على تقريب الأفكار، وهي على علم أن تدخل الأجداد ما هو إلا فطرة وحب زائد لها ولأولادها، كما أن الأجداد يتحلون بمزيد من الصبر، لأن الآباء يكونون في حالة الضغط المستمر في العمل من أجل توفير الحياة الكريمة لأبنائهم.

اختلاف الجيل

بالنسبة لربة المنزل دانييلا الأحمر وهي أم لولدين، فلها رأي مغاير، مشيرة إلى أن أجداد أولادها يتدخلون في تربيتها لأولادها، ويشكل مضايقات لدرجة تمرد الأولاد على الجدين، لأنهما كانا صارمين للغاية معهما مما أنتج مشاكل بين الطرفين، فالتوبيخ الدائم لأفعال الأولاد خلق أزمة نفسية لديهم، ولم يتقبلوا تطبيق قوانينهما عليهم.

وتنهي الأحمر قولها بأن زمن الأجداد مختلف عن زمن الأبناء، وأن الأجداد لا يصلحون لتربية هذا الجيل، فتطلعات الأب والأم والأبناء مختلفة عن الأجداد.

رأي متخصص

تقول الاستشارية في علم النفس التربوي (دينا شوقي) بأن الأجداد لهم دور خاص في حياة العديد من الأطفال، ويمكن أن يكونوا سندا مهما للآباء من خلال الدعم والتوجيه ورعاية الأطفال، لكن يمكن أن تكون لديهم أفكار مختلفة حول أفضل السبل لتربية الطفل، وهذا يمكن أن يسبب التوتر بين العائلات.

وتوضح إذا كانت اختيارات الأجداد تتعارض مع اختيارات الآباء أو يتدخلون فيها، فيمكن أن يشكل ذلك ضغطا خطيرا على العلاقة، وشددت نتائج الدراسات على ضرورة سعي الأجداد جاهدين لفهم مطالب الوالدين والامتثال لها، ليكونوا أكثر انسجاما مع خياراتهما، ليس فقط لدعمهما في المهمة الصعبة المتمثلة في تربية الأطفال، ولكن من أجل تجنب تصعيد النزاع إلى الحد، الذي يجعلهم يخاطرون بفقدان إضاعة الوقت مع الأحفاد، ومن ناحية أخرى، تقدم شوقي بعض النصائح لتفادي الصراع بين الآباء والأجداد والأحفاد.

تجنب الخلافات

يجب نقل كل الصراعات إلى تحت الطاولة، حيث لا يجب أن يشهد الأطفال صراع الام والجدة، ولا صراع الأب مع الجد، لذلك يجب أن تكون كل النقاشات أو المشاجرات خلف الكواليس، لأن مشاهدة وسماع الأطفال لهذه الشجارات تقلل من هيبة الأهل في نظرهم، وتضعف احترامهم للجدين.

ويحتاج التعامل مع كبار السن إلى قدر كبير من سعة الصدر والهدوء، هذا الهدوء سينعكس على حياة الأسرة كلها، كما أن هناك حاجات صحية ونفسية لكبار السن يجب مراعاتها والتعامل معها بإخلاص لما قدمه العجوزان لأبنائهم، على الأقل لنقل هذا الإخلاص إلى الأبناء.

ومحاولة دمج الجد والجدة في العصر الحديث أمر يخفف التوتر الناتج عن صراع الأجيال، هناك الكثير من الأجداد والجدات يستعملون الوتساب والفيسبوك إن كانوا يراقبون تحركات الأحفاد أحيانا، لكن هذا الاطلاع على العصر الحديث، يساهم في انتزاع فتيل الخلاف بين ثلاثة أجيال تعيش في بيئة مشتركة.

وينبغي محاولة إقناع الجدين باستمرار بضرورة خلق توازن في محبتهم للأحفاد، وقوموا بشرح الآثار السلبية لإهمال حفيد دون غيره.

ولا بد أن تحاول الأم الاستفادة من الجدة أو الجد الموجود في البيت في رعاية الأطفال، لأنهما أكثر حرصا عليهم من المربيات، وسوف يتعلمون منهم أصول دينهم وعاداتهم وتقاليدهم وسلوكهم الحسن على العكس من تركهم مع المربية.

الجزيرة