التنمّر المدرسيّ.. كيف نحاربه؟

تنويه: المعلومات والآراء الواردة في هذا المحتوى تمثل رأي مؤلفها ولا تعكس بالضرورة رأي أو سياسة «الأئمة الاثنا عشر»

كتبت: إيمان بادي

تعمل المؤسّسات التربويّة على تحقيق أهداف مُختلفة، منها تنمية شخصيّة الطالب وصقلها من نواحٍ اجتماعيّة ونفسيّة، ولكن انتشار بعض الظواهر السلبيّة في مؤسّساتنا اليوم يحول دون تحقيق هذه الأهداف.

اشترك في قناة «الأئمة الاثنا عشر» على تليجرام

 لعلّ أهم هذه الظواهر وأحدثها وأكثرها انتشارًا ظاهرة التنمُّر. ما المقصود بظاهرة التنمُّر؟ وماهي أنواعه؟ وكيف نحارب هذه الظاهرة؟ سأجيب عن هذه الأسئلة في هذه التدوينة من منطق تجربتي الشخصيّة ورأيي.

يعتبر التنمُّر المدرسيّ سلوكًا عدوانيًّا غير مرغوب بهِ بين تلاميذ المؤسّسات التربويّة، إذ يدلُّ على اختلالٍ في الطاقة لدى الشخص المتنمّر، لسلوكه المُتمثّل بالهجوم على الآخرين لفظيًّا أو جسديًّا، ويعتبر من أسوأ الأساليب العدوانيّة.

ظهرت خلال الفترة الأخيرة، عالميًّا، بعض النتائج السلبيّة للتنمُّر وأثره على نفسيّة التلاميذ. وقد بدأ التحذير منه، خلال الفترات الأخيرة، لما له من تأثير سلبيّ على التلاميذ خاصّةً في مرحلة التعليم الابتدائيّ.

والتنمُّر صنفان:

التنمُّر المباشر: وهو العدوان الذي يتعرّض له التلميذ مباشرة من قبل الآخرين، كالضرب والدفع والخدوش، وغيرها من الأشكال المُباشرة الظاهرة على التلميذ الذي تعرَّض للتنمّر.

التنمُّر غير المباشر: وهذا القسم من التنمُّر يتضمّن كلّ الأفعال غير المباشرة الواقعة على التلميذ المُعتدي عليه، مثل التهديد والتخويف، أو نشر الشائعات الكاذبة، أو نقد التلميذ وتمييزه بصفاتٍ غير محمودة، سواء من ناحية اللون أو العرق أو الدين.

  وسألخّص مظاهر التنمُّر فيما يلي:

1- تخويف الآخرين بأي شكلٍ من أشكال التخويف.

2- استخدام القوّة البدنيّة للوصول إلى هدفٍ شخصيّ أو معلومات.

3- فرض السيطرة على الآخرين بغيرِ وجه حقّ.

4- إلحاق الأذى والإساءة بالآخرين، بأيّ شكل من الأشكال.

5- نشر الشائعات الكاذبة حول الآخرين بأيّ طريقة كانت سواء عبر الإنترنت أو في المدرسة.

كلُّ هذه الأشكال تؤثّر سلبًا على التلميذ المتنمّر عليه، حيث:

1-  يبدي التلميذ خوفًا شديدًا من الذهاب إلى المدرسة، وهذه من أكثر العلامات التي تظهر على التلميذ الذي تعرَّض للتنمُّر، وخاصّة إن كان صغير السِّن، فيبدأ في اختلاق الأعذار للتغيُّب عن المدرسة.

2- يضعف تركيزه ويتدنّى مستواه الدراسيّ، وبالتالي يحصل على علامات وتقديرات دراسيّة ضعيفة.

3-  يبدأ التلميذ في أخذ سلوك انعزالي بعيدًا عن الأصدقاء وزملائه في المدرسة وحتى عن أهله في البيت، ويفضّل الانفراد بنفسه والانعزال التامّ عمّن حوله.

4- يبدأ التلميذ في فقدان الثقة بنفسه؛ يَفقد الثقة في القيام بأي عمل أو مجهود أو حتى في اجتياز السنة الدراسيّة. كما تظهر عليه علامات الكآبة، حتى تصل إلى امتناعه الخروج من المنزل، ويفضّل المكوث في المنزل لفترات طويلة، حتى لا يختلط بأحد ممّن حوله.

كيف تعرف أن ابنك يتعرّض للتنمّر؟

باعتقادي، يمكنُ للأهل معرفة فيما إذا كان ابنهم قد تعرّض للتنمر من خلال ملاحظة ما يلي:

1- أن يعود إلى البيت وقد نقص المال منه بشكلٍ يدلُّ على تعرّضه للتنمّر، والهجوم عليه من قبل آخرين.

2- أن يعود إلى المنزل بملابس ممزّقة أو فقدت منه أدواته المدرسيّة، أو كتبه المدرسيّة.

3- أن يعود من المدرسة وقد أُصيب بكدمات، أو إصابات متكرّرة في جسمه أو وجهه، ويتكرّر هذا الحدث.

4- أن يصبح الطفل كثيرَ العزلة مُحبًّا للانطواء.

كيف نقضي على حالات التنمُّر المدرسيّ؟

هُنا، أسرد بعض الاستراتيجيّات التي أعتبرها ناجحة للقضاء على حالة التنمُّر، أو على الأقلّ الحدّ من هذه الظاهرة:

1-  استراتيجيّات أُسريّة

2- تعزيز ثقة الطفل في نفسه سواء من طرف ولي الأمر.

3- تربية الطفل بطريقة سليمة بعيدة عن العنف بنوعيه اللفظيّ والجسديّ.

4- سهر الأسرة على محاربة كلّ الأفكار المغلوطة المحيطة بالطفل.

5- مراقبة الطفل ومنعه من القيام بالسّلوكات العدوانيّة سواء مع إخوته أو أقرانه.

6- محاولة بناء علاقة صداقة بين الطفل ووليّ الأمر، وإيجاد حلول لتلك العزلة التي قد يلجأ إليها.

7-  استراتيجيّات مدرسيّة

8- تعزيز ثقة التلميذ في نفسه من طرف معلّميه.

9- إذا لاحظ المعلّم أيّ أثار لظاهرة التنمُّر، عليه أن يحاول معرفة الأسباب، وأن يُشجّع التلميذ على البوح والحديث عمّا حدث.

10- الحرص على توعية التلاميذ وحثّهم على نبذ العنف بنوعيه اللفظيّ والجسديّ، ومحاربة كلّ الأفكار السيئة المحيطة بالتلميذ.

11-  إذا لاحظ المعلّم لجوء أحد تلاميذه للعزلة، عليه التقرّب منه ومحاولة إيجاد حلول لتلك العزلة.

12- محاولة إيجاد حلول للقضاء على التنمُّر من قبل المدرسة، ومحاولة بثّ روح التسامح والصداقة بين التلاميذ.

13- عرض التلميذ المتعرّض للتنمّر للإرشاد النفسيّ إذا لزم الأمر، فيحاول المُرشد النفسيّ إعادة بناء ثقة التلميذ في نفسه، ويعمل على عدم لجوء التلميذ للعنف أو للعدوان للردّ على هذا التنمُّر، أو الدخول في حاله اكتئاب يصعب الخروج منها.

14- القضاء على ظاهرة التنمُّر يستوجب بناء علاقة تشاركيّة بين الأهل والمدرسة، نظرًا لوجود علاقة تكامل بينهما تتمثّل ببناء جيل واعٍ ومثقّف وصحّي.

وختامًا، يجب علينا، جميعًا، أن نعمل جاهدين على منع حالات التنمُّر المدرسيّ، لما له من آثار سلبيّة كبيرة قد تصل إلى هدم شخصيّة التلميذ المتعرّض للتنمّر. إنّ القضاء على هذه الظاهرة، أو الحدّ منها، يتطلّب تكاتف لجهود الأولياء والأسرة التربويّة والسّعي المُشترك من أجل بناء مستقبل أفضل لأبنائنا.