في ظل الأزمة المالية.. كيف نحافظ على ميزانية الأسرة؟

تنويه: المعلومات والآراء الواردة في هذا المحتوى تمثل رأي مؤلفها ولا تعكس بالضرورة رأي أو سياسة «موقع الأئمة الاثني عشر»

كتبت جنان الهلالي: الحفاظ على ميزانية الأسرة في ظل الاضطراب المالي

تنظيم سلوك الإنفاق للأسرة وإعادة هيكلية الإنفاق العام هي خطة مالية تساعد أفراد الأسرة على استثمار أموالهم بأفضل طريقة ممكنة، فهي تحدد مصادر الدخل، وتساعد على تخطيط وتحديد الأولويات في المصروفات. وهي أيضًا طريقة استعمال الفرد والأسرة للدخل في فترة زمنية محددة قد تكون سنةً أو شهرًا أو أسبوعًا. وبهذا تضمن الأسرة عدم تأثر دخلها عند حدوث الأزمات الإقتصادية.

ولا يُقصد بتخطيط الدخل التقتير بل التوازن المالي. يقول تعالى: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا﴾. إن الأسراف آفة نهى الله عنها في كتابه الكريم ونبذ البخل واختار للمؤمن الحل الوسط بينهما ألا هو استرشاد الأستهلاك. فالقرآن لم يغادر صغيرة أو كبيرة إلا وبيّنها لنا. فالتخطيط الإداري له إيجابيات كبيرة تصب في مصلحة الأسرة.

ويضع خبراء المشكلات الزوجية ميزانية الأسرة في مقدمة الموضوعات الزوجية؛ نظرًا لما يترتب على اضطرب الميزانية من مشكلات أسرية.

وتعد الميزانية وطريقة تنظيمها من الأمور الهامة التي تشغل بال العديد من الأسر، وذلك لما لها من آثار على حياة الأسرة واستقرارها الإجتماعي، والعاطفي، والمالي، خاصة إذا كان لديها العديد من الالتزامات، مثل موسم المدارس والأعياد، ما يحتاج إلى خطة للإنفاق والإرشاد.

لأنها تقدم بيانات مالية واضحة خلال فترة زمنية محددة، كما أنها تنظم المصروفات والمدخرات، وتقلل حجم الخسائر والعجز المادي. ومن أهم عوامل نجاح الإنفاق الرشيد للأسرة، المساحة التي يصنعها أفراد الأسرة والتفاهم حول ذلك، والتي تعتمد على التخطيط السليم للمصروفات وترتيبها وفقاً للحاجات الأهم والأساسيات، ثم الرغبات ومراعاة الجوانب التي تتعلق بالأسعار، ومناسبتها وبدائلها وجودتها ومواصفاتها، وتأجيل ما تدعو الحاجة لتأجيله. وتعاون أفراد الأسرة في مساعدة الأب الذي هو في موضع القيادة في نجاح خطة الميزانية المعد لها وموافقة الجميع في نجاحها.

ومن المهم أيضاً العمل على إعطاء الجوانب الترفيهية جزءاً من عمليات الإنفاق كمرحلة لاحقة، نظراً لأن الجوانب الترفيهية تسهم في إضفاء السعادة والثقة العائلية في جوانبها السلوكية والثقافية.

وتعتمد طريقة إعداد ميزانية المنزل على أساسيات تحديد الدخل الشهري الذي يحصل عليه أفراد العائلة، ثمَّ يجب تسجيل النفقات والمبالغ المادية المتبقية في نهاية كل شهر، وتبدأ الميزانية الناجحة من خلال تدوين البيانات بدقة في الجداول أو المفكرة، كما يمكن تحميل البرامج من  على جهاز الحاسوب أو الهاتف المحمول للاستفادة من الخطط المالية، لتسجيل جميع الفواتير والالتزامات المادية الخاصة بكل شهر. وتحديد فئات نفقات المنزل: مثل الإيجار العقاري، والفواتير المختلفة؛ كالكهرباء، والاتصالات، والضرائب وتسديد القروض والمياه. ثم نفقات المعيشة: كالمواصلات، والطعام، والمنتجات الخاصة بالنظافة والعناية الشخصية، والملابس. نفقات اجتماعية: مثل فواتير المطاعم، والرحلات الترفيهية، ومصاريف الأعراس، والحفلات الخاصة.

وبشكلٍ عام تعتبر هذه المصاريف من المصاريف المتغيرة؛ حيث يُمكن تغييرها حتى تتناسب مع نمط حياة العائلة ومن المهم أيضاً إدراج قائمة للمدخرات: تسجيل فيها مبالغ يُستغنى عنها ووضعها كمدخرات للاستفادة منها في المصاريف المستقبلية أو حالات الطوارئ.

وبعد الانتهاء من تحديد فئات ميزانية المنزل يجب تدوين المبلغ الكلي الذي تمَّ الحصول عليه خلال الشهر من الراتب أو أي مصادر دخل أخرى، ثمَّ كتابة مجموع كل النفقات في عمود بجانب الدخل، وبمقارنة المبلغ الكلي مع مجموع النفقات يُمكن التنبؤ بنجاح الميزانية. تعديل بيانات ميزانية المنزل بعد حصر جميع البيانات الخاصة بميزانية المنزل في مكان واحد، يُصبح من الضروري التعرف إلى الأنماط الظاهرة في الميزانية، فمثلاً يجب تحديد نسبة المصاريف المنزلية مقارنة بالمصاريف الإجتماعية، وتقييم إذا ما كان الإنفاق على الرحلات والوجبات أكثر منه على الأمور الأساسية والضرورية، كما يجب النظر في مقدار المال المتبقي من الدخل الشهري، أو إذا كان حجم الإنفاق الشهري أكبر من حجم الدخل الشهري؛ لأن الإجابة عن جميع هذه الأمور وملاحظتها يُؤدي إلى وضع ميزانية فعالة.

يجب اتباع ميزانية مرضية، فبدلاً من التذمر لأن الميزانية لم تكن مجدية خلال شهر معين، يُفضل إنشاء نظام حوافز خاص بميزانية المنزل للمساعدة على التمسك بالخطة، فمثلاً إذا استطاع الفرد توفير مبلغ معين خلال أسبوع، أو تقليل حجم الإنفاق على الأشياء غير الضرورية خلال فترة زمنية معينة يُمكن مكافأة نفسه بشراء حلوى للعائلة، أو شراء بعض احتياجات الأسرة.

ولتحقيق الهدف الأساسي من الميزانية يجب إعدادها بحسب المبادئ والقوانين الإدارية والمحاسبية المعروفة، وتبويب عناصرها، وعرضها بأسلوب يحقق أقصى ما يمكن من الفائدة.

فالتخطيط السليم للميزانية خطوة مهمة وحضارية تبعد الأسرة عن توترات الأزمات المالية والتقشفية على مدى بعيد. ومما لا شك فيه أن الأسرة التي تهتم بتخطيط أسلوب حياتها، سوف تحقق أهدافها.

ولابد أن تكون هناك ثقافة مالية في كيفية الإنفاق إذ من المهم تعزيز قدرات الوعي الاستهلاكي، من خلال الوسائل الإعلامية في أماكن العمل والمدرسة والبيت، وزرع هذه القيم الإقتصادية لدى الأطفال منذ وقت مبكر وضبط السلوك الاستهلاكي غير المبرر، مشدداً على أن نجاح ذلك يؤدي إلى تفاهم الأسرة، لذلك نجد أن الكثير من الأسر ذات الدخول المتوسطة ساهمت في بناء أسري ناجح للدخل والإنفاق ومنحها بالتالي هذا البعد بالادخار والاستثمار الجيد وأصبح أفرادها يملكون المنازل ولديهم استقرار مالي، وهذه المميزات، ما كان لها أن تتحقق لولا الثقافة الاستهلاكية الجيدة.

لذا، ينبغي مراعاة إمكانات الأسرة واتباع نظام الإنفاق السليم من حيث عدم زيادة مقدار المنفق على الدخل وتوزيع الدخل قدر الإمكان على أبواب الإنفاق.

لابد أن توضع خطة شاملة وكاملة لمدة عام والالتزام بكافة البنود، ووضع بند للطوارئ وبند للأعياد والمناسبات الاجتماعية، وبند آخر لمصروفات المدارس والتعليم ويكون على رأس هرم الأولويات للخطة هو إمكانات الأسرة والإنفاق في حدود مايدخل للأسرة من أموال شهرياً.

حتى لا تلجأ العائلة للإقتراض، وتتراكم عليها الديون. ووضع خطة بديلة في حين طرأ شيء على الميزانية الموضوعة، لأن التخطيط السليم سوف يجعل الأسرة تحقق أهدافها.

وتلعب ربة المنزل دوراً مهماً في إسعاد أسرتها، وذلك بإدارتها الحكيمة لشؤون المنزل وتدبير مصروفاته وصحة أفراده. من خلال دعمها للزوج في نجاح الخطة والصبر حتى حصول استقرار مادي للأسرة.

ثم الإستفادة من فرز المال المتبقي للإدخار إن وجد في تلبية حاجيات الأولاد والسلع الضرورية. وتعويد العائلة على نظام المكافأة أي بعد تقليل المصروفات اليومية خصم مبلغ منه كشراء حلويات أو بعض الرحلات الترفيهية، أو يمكن دعوتهم للعشاء خارج المنزل.

للحصول على آخر التحديثات اشترك في قناتنا على تليجرام: https://t.me/The12ImamsWeb

نقلاً عن بشرى