المرجعية الدينية سلطة روحية لا يزيلها إعلام مزيف!

إن الفوضى الإعلامية والعيش الطويل في مواقع التواصل الاجتماعي تمخضت عنه تخيلات كثيرة تشبه الأفلام عندما تتكلم تلك الجهات الإعلامية -مثلًا- عن مقاتلي الدفاع الكفائي وتحاول تصويرهم بأنهم ليسوا عراقيين والتشكيك بولائهم للوطن وتكوين صورة بأنهم يعملون لأجندة معينة، وفي الواقع أنت لا تحتاج إلا الى فتح باب البيت والخروج لأقرب شارع أو فرع أو مدينة فيها مجاهد لتتعرف عليه وعلى عائلته ودوافعه، سوف لن تجده إلا عراقي ابن عراقي، يحمل الضيم في سَحنات وجهه، دفعهُ إيمانه العقائدي والوطني ليُحامي عنك وعن جميع من يسكنون هذا الوطن، هذا المجاهد هو نفسه من يبكي معك وطنه المظلوم، هو نفسه الذي كان يقبّل علم العراق في اصطفاف يوم الخميس في المدرسة ويقشعرّ جلده وتُرخى دمعته وهو يتلو النشيد الوطني، هو ذاته الذي قُتل أخوه وابن عمّه في التفجيرات في أيام الأسبوع الدامية، إنه هو الذي يدفع ضريبة الفساد السياسي الذي أدى الى دخول داعش. 

ومَثلٌ آخر عندما تتحدث الجهات الإعلامية المغرضة عن المتظاهرين بشكلٍ يوحي بأنهم من كوكب آخر ومن سلالة أخرى ومن عصرٍ سالف جاؤوا ليقضوا على كوكبنا المحروس! فقالوا إنهم من بلادٍ أخرى، يريدون القضاء على الدين والمرجعية!

وساهمت في ذلك الجهات التي تُمنّي نفسها ببعد العراقيين عن الدين وولوجهم في التحرر الغربي ومحاولاتهم بجعل التظاهر منسوبًا إليهم واستغلاله لضخ تعاليمهم المتحللة من خلاله وهم يعدّون صفرًا على الشمال لو قورنوا بالخيرين من هذا البلد، لكن وسائل التواصل تعمل عمل المكبرة لهم.

ولو قمت من رقدتك مثل المرة الأولى وفتحت باب الضغط والتدليس الإعلامي وخرجت الى أقرب بيت متظاهر ستجد أنه ذاته الذي كان يذهب معك الى المسجد للصلاة، هو نفسه الذي يحضر معك مجلس العزاء الحسيني، وسويّا تمشيان على الأقدام الى كربلاء في أربعين الإمام الحسين عليه السّلام، وفتّش في عائلته ستجد أخ له أو صديق قضى شهيدًا في الحرب مع داعش ملبيًا لنداء المرجعية، وأن كل تلك التهم هي ضريبة الفساد السياسي عليه!

إن المتضررين من الإصلاح والخائفين من معركته، أولئك الذين شوّهوا صورة الدين وعَصوا المرجعية مرارًا وتكرارًا يُكملون جرائمهم الآن بالمزايدة على الناس واتهامهم بالقضاء على الدين والمرجعية وكأنهم رعاةً للدين وأمناء على المرجعية! يفعلون ذلك بلا أدنى استحياء واستمرارًا بالخداع.

إن المتضررين من الإصلاح أخذت الدنيا وزبرجها منهم مأخذًا لدرجة نسوا فيها أن السلطة الروحية للدين والمرجعية ورغم إساءتهم وتشويههم الذي لا يغلبهم فيه أحد لكنها لم تتأثر بشكلٍ تزول فيه الهوية الدينية للعراقيين، إن هذه السلطة لا يزيلها إعلام مزيف ولا دعايات ولا مناوشات ولا حمراء ولا صفراء، وملايين العراقيين في زيارة الأربعين يثبتون ذلك، وملايين المتطوعين بعد كلمتين من المرجعية يبرهنون على ذلك، ومن ينتظرون خطبة الجمعة من خيم اعتصامهم ويهتفون باسم السيستاني فور انتهائها يؤكدون ذلك. 

أجل، المرجعية التي طالما تشبث باسمها الساسة وعلّقوا أفعالهم عليها ونسبوا قراراتهم إليها زورًا وبهتانًا كشفت الأيام هذه للجميع حتى لذلك الذي لم يرَ رجل دين من قبل، كشفت كل زيفهم، وزادت بتمسك الناس بملاذها الوحيد السيد السيستاني.