صمت السيستاني: البيان ليس كل شيء!

 

- الآراء الواردة في هذا المقال لا تمثل بالضرورة رأي موقع "الأئمة الإثني عشر"

(لا قيمة للبيانات التي لا يمكنها أن تغيّر من الواقع شيئا) هذا هو نهج المرجعية في اصدار البيانات فإذا لم يكن الكلام ذي جدوى تكون الإشاحة بالوجه أبلغ منه بل هي كما يقول (غسان كنفاني): من الصمت ما هو صراخ غير أنه أكثر عمقاً وأليقُ بكرامة الإنسان.

وفي الجُمَع السابقة قدمت المرجعية - بنحو المشورة - برنامجا متكاملا للخروج من الأزمة بدءا من تكوين حكومة انتقالية مَرْضية عند الشعب واقرار قانون انتخابات عادل وصولا الى انتخابات مبكرة ومن ثم كانت المرجعية قد اكدت منذ 2003 والى اليوم على تمسكها بمبدأ ان الشعب هو مصدر السلطات وليس لأي طرف داخلي او خارجي تحييد الشعب في ذلك، فلا ينتظرن أحد من المرجعية ولا من غيرها أن تتدخل في صناعة السلطات في هذا البلد انما هي مسؤولية الشعب بكلِّ أطيافه شاء أم أبى.

والمبدأ الآخر الذي يَحدُّ من كثرة الخطابات هو ايمان المرجعية بالعمل أكثر منه بالخطاب فإذا كانت التيارات السياسية تتكلم أكثر مما تفعل فإن ذلك غير جائز للمرجعية، وهذا المبدأ عامل أساس في ذهاب المراجع باتجاه الحد من البيانات والخطابات لأن الأولوية للعمل، فإذا كان الخطاب غير ذي تأثير على الواقع العملي فالصمت أبلغ لأنه في هذه الحال " صمتٌ يقول كلَّ شيء " فلا ينبغي الاصغاء لمن يحاول تسطيح الأمور وكأن كل المشاكل يمكن حلها ببيان واحد!.

وفي مقام العمل بذلت المرجعية جهودها منذ عام 2003 على جرِّ النار بكلِّها الى قرص الشعب عندما اعلنت بعبارات واضحة حينها ان الشعب هو مصدر السلطات، وإذا كانت الظروف قد ساعدت على ان يستقيل الشعب من وظيفته لحينٍ فإن المرجعية لم تدخر جهدا في المطالبة بحقوقه فضلا عن توفير الغطاء الشرعي لكل احتجاجاته السلمية منذ 2003 وإلى اليوم .

خذ مثلا احتجاجات عام 2011 حيث سارعت المرجعية الى اصدار بيان ثمَّنت فيه جهود المتظاهرين السلميين عالياً، وفي ذات البيان اشارت الى ضرورة الغاء امتيازات النواب والمسؤولين ولكن الذي حصل ان تلك الاحتجاجات التي جاءت متأخرة جدا لم تلبث غير يوم واحد فقط !، وبعد انفضاض الناس أسفر السياسيون عن وجوههم الكالحة فلم يستجيبوا لا لمطلب إلغاء الامتيازات ولا لغيره ! هذا مجرد مثال والأمر سيان في مواطن كثيرة لا تخفى عليكم .

وأما في الظرف الحاضر فمن حيث ثنائية المرجعية والشعب قد قدّمت المرجعية خارطتها للحل وجعلت الشعب هو الفاعل الأساس فيها وليس بعد ذلك ما هو أكثر نفعا للشعب، وأما من حيث ثنائية المرجعية والسلطة فإن المرجعية قد نصحت جهارا نهارا وطالما حذرتهم من مغبة سوء العاقبة ، غير انهم تعمدوا وضع أصابعهم في آذانهم وساروا بأقدامهم الى سوء عاقبتهم حتى اللحظات الأخيرة من كتابة هذه الكلمات رغم حراجة الظرف، فليس بعد ذلك من مقالٍ إلا ما قاله أخو هوازن وتمثّل به الأمير في النهج :

أمَرتكُم أمري بمنعَرَجِ اللِّوى ** فلم تستبينوا النُصْحَ إلا ضُحى الغَدِ