رهانات المرجعية للتغيير

- الآراء الواردة في هذا المقال لا تمثل بالضرورة رأي موقع "الأئمة الإثني عشر"

لم يعد يغيب عن ذهن ونظر المراقب الموضوعي الدقيق ان المرجعية الدينية تتبنى بوضوح وقوة الدعوة الى التغيير السياسي واعادة هيكلة الدولة على اساس المبدأ الدستوري المعمول به عالميا وهو ان الشعب مصدر السلطات وان الانتخابات هي الية تخويل السلطات الحاكمة، تشريعيا وتنفيذيا وقضائيا، من قبل الشعب. ومفردة "الشعب" تستخدم هنا بمعناه الذي ثبته جان جاك روسو وليس بمعناه الذي كان مستخدما في الديمقراطية الاثينية الذي كان يقصي شرائح معينة من الشعب عن هذا الموقع الدستوري.

والواضح من خلال مراجعة بيانات المرجعية المتتالية في الاسابيع الماضية ان خيارات المرجعية للتغيير تتمثل بشكل اساسي بالنخب الوطنية وقانون الانتخاب والانتخابات المبكرة.

فقد كررت المرجعية دعواتها الى "إقرار قانون الانتخابات على الوجه المقبول"، بوصفه شرطا للخطوة الاولى، مستخدمةً في خطابها الاداة الشرطية "اذا".  الامر الذي يفيد ان المرجعية جعلت القانون المقبول، وهو حتما وقطعا قانون الانتخاب الفردي، شرطا لاجراء الانتخابات والمشاركة فيها، والا فبدون هذا الشرط لا تتوقعوا ان تدعم المرجعية المشاركة في الانتخابات المقبلة. ولهذا اكدت المرجعية ان  "يكون منسجماً مع تطلعات الناخبين، يقرّبهم من ممثليهم، ويرعى حرمة أصواتهم ولا يسمح بالالتفاف عليها. إنّ اقرار قانون لا يكون بهذه الصفة لن يساعد على تجاوز الأزمة الحالية".

في نفس الوقت، اكدت المرجعية ان  "أقرب الطرق وأسلمها للخروج من الأزمة الراهنة وتفادي الذهاب الى المجهول أو الفوضى أو الاقتتال الداخلي ـ لا سمح الله ـ هو الرجوع الى الشعب بإجراء انتخابات مبكرة". وهذا يعني رفع اليد عن البرلمان الحالي بمجرد ان يتم اقرار قانون الانتخابات الجديد، كما يعني من الناحية العملية تنفيذ المادة ٦٤ لانه لا يمكن اجراء الانتخابات المبكرة بدون حل البرلمان الحالي، ولا يمكن حل البرلمان الا بتطبيق هذه المادة.

ثم بعد ذلك "يأتي الدور للنخب الفكرية والكفاءات الوطنية الراغبة في العمل السياسي" وهذا هو الرهان الثالث بنظر المرجعية، حيث دعت هذه النخب الى ان "تنظم صفوفها وتعد برامجها للنهوض بالبلد وحلّ مشاكله المتفاقمة في إطار خطط عملية مدروسة، لكي تكون على إستعداد لعرضها على الناخبين في أوان الانتخابات، ويتم التثقيف على التنافس فيها لا على أساس الانتماءات المناطقية او العشائرية أو المذهبية للمرشحين بل بالنظر الى ما يتصفون به من كفاءة ومؤهلات وما لديهم من برامج قابلة للتطبيق للعبور بالبلد الى مستقبل أفضل".

والواضح ان اشتراك النخب بالانتخابات لا يمكن ان يؤتي اكله ما لم تحقق النخب فوزا كاسحا في الانتخابات بحيث تكون هي الكتلة الاكثر عددا، او الكتلة الكبيرة القادرة على تأمين تاييد ١٦٥ نائبا لرئيس الوزراء المرشح من قبلها. وهذا يعني ان على هذه النخب ان تشكل "حزب الاغلبية المطلقة" الذي دعوتُ اليه في مناسبة سابقة. وهذا هو الذي يجنبنا مصيرا غير مرغوب فيه وهو تحول النخب الى تنظيم صغير او صغير جدا لا يكاد يُسمع صوته في قاعة البرلمان.

ومن الطبيعي ان نقول ان حزب الاغلبية المطلقة ليس حزب الاغلبية القومية او المذهبية في البلد انما هو حزب الاغلبية السياسية التي تضم في صفوفها مواطنين عراقيين من مختلف الهويات الدينية والعرقية والمذهبية. تقوم العضوية في هذا الحزب على شرط المواطنة والنزاهة والكفاءة فقط.

ومن اجل تطوير العملية الانتخابية فاني اقترح ان يسمي هذا الحزب مرشحه لتولي منصب رئيس الوزراء ويقدمه الى الناخبين سوية مع برنامجه الانتخابية لكي يكون الناخبون على بينة من امرهم منذ البداية.

للحصول على آخر التحديثات انضم إلى قناتنا على تليغرام

https://t.me/The12ImamsWeb