كيف نميّز بين الذنوب الصغيرة والكبيرة؟

إن مصدر تقسيم الكبائر والصغائر هو آيات القرآن الكريم التي منها الآية الشريفة: "إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم" ([1])؛ والآن ينبغي معرفة ميزان هذا التقسيم؟

يقول فقهاؤنا: كل ذنب سواء كان كبيراً أو صغيراً يعدّ من الكبائر لأنه مخالفة لأمر الله تعالى.

إلا أن المقياس في تحديدهما ليس عصيان أمر الله تبارك وتعالى؛ ذلك أن هذا الميزان يجعلها كلها كبيرة، إن عامة الذنوب على قسمين: كبيرة وصغيرة كما هو معلوم من العنوان.

إن طرق تحديد القسمين كثيرة، لكن أكثرها شهرة بين الفقهاء هو أن كل ذنب هدد القرآن والروايات مرتكبيه بالعذاب هو من الذنوب الكبيرة؛ كقتل النفس مثلاً، إذ قال الباري تعالى بشأنه: "ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها" ([2]).

بعض الفقهاء أضافوا قيداً آخر الى ذلك قائلين: الكبائر هي ما وعد مرتكبوها بالعذاب أو على الأقل نهي عنها نهياً مؤكداً؛ فربما يكون لدينا ذنوب لم يحذر القرآن مرتكبيها بالعذاب لكن نهي عنها كراراً، فعلى سبيل المثال لو افترضنا عدم نزول آية حول الربا سوى هذه الآية: "فان لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله"([3]) فهذه الجملة لوحدها كافية في عدّ أكل الربا من الكبائر؛ وإن لم يعد الله جلّ وعلا المرابين بالعذاب في آيات وروايات أخرى فهذا النهي المؤكد دليل على كون الربا من الكبائر؛ وعلى هذا الأساس كون الذنب كبيراً أو صغيراً ليس أمراً نسبياً، فلكل من هذه الفئتين حداً مائزاً عن الآخر، ولا يمكن للذنب أن يكون صغيراً وكبيراً في الوقت ذاته؛ لأنه لو كان قد نهي عنه نهياً بليغاً أو وعد مرتكبه بالعذاب فهو من الكبائر وإلا فلا.

المقال رداً على سؤال: كيف يمكن تمييز الذنوب الكبيرة عن الصغيرة؟

الهوامش:

(1) النساء 4 : 31 .

(2) النساء 4 : 93 .

(3) البقرة 2: 279 .