العيد والمشتريات: هل الجمال بالملابس والسعادة بالنتزّه؟

مع قدوم عيد الفطر نسمع هنا وهناك، ماذا تفعلون في العيد وأين تقضون أوقاتكم؟ هل اشتريتم ملابس العيد؟ هل أعددتم الأكلات الخاصة بالعيد؟

اشترك في قناة «الأئمة الاثنا عشر» على تليجرام

أسئلة منطقية ولا حرج فيها لكن أن تصبح همنا الوحيد هنا تكمن المشكلة أن يصبح مجيء العيد مقرون بهوس التسوق وشراء الملابس فقط هنا يغبن الإنسان نفسه، فإذا عرفنا ما كان يفعل ائمتنا في العشر الأخير من شهر الخير لخففنا الوطئ قليلاً فليس الجمال بالثوب فقط وليست السعادة بالتنزه هناك بعد اكبر من هذا وذاك فها هم ائمتنا تصل لنا اخبارهم وماكانوا يفعلون في نهاية الشهر الفضيل.

فعن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبدالله (ع) قال: تقول في العشر الأواخر من شهر رمضان في كل ليلة: "أعوذ بجلال وجهك الكريم أن ينقضي عني شهر رمضان أو يطلع الفجر من ليلتي هذه ولك قبلي ذنب أو تبعة تعذبني عليه".

إنما يفرح في يوم العيد من غُفر له فيعيش حلاوة المغفرة الإلهية، ويستلم جوائز الرحمن الرحيم .

قال العلامة المجلسي: فَإِذَا صَارَتْ لَيْلَةُ عِيدِ الْفِطْرِ وَتُسَمَّى لَيْلَةَ مَنْحِ الْجَوَائِزِ، يُكَافِئُ اللَّهُ تَعَالَى الْعَامِلِينَ فِي هَذَا الشَّهْرِ الْمُبَارَكِ بِلَا حِسَاب‏.

وَعَنْ جَمِيلِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ  (عليه السلام) قَالَ: إِذَا كَانَ صَبِيحَةُ يَوْمِ‏ الْفِطْرِ نَادَى مُنَادٍ اغْدُوا إِلَى جَوَائِزِكُمْ.

أما من لم يُغفر له فأنى له أن يفرح و يمرح، وقد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) في خطبته المعروفة التي أدلى بها في الجمعة التي سبقت شهر رمضان: " فَإِنَّ الشَّقِيَّ مَنْ حُرِمَ غُفْرَانَ اللَّهِ فِي هَذَا الشَّهْرِ الْعَظِيمِ".

اذن فمن لم يغفر له ولم يستلم الجائزة كيف يفرح!

فهذه العشر الأواخر هي عشرة حاسمة في حياة الإنسان هي عشرة تحديد المصير فحري بنا الإلتفات اليها وان نتفكر عند مجيء العيد هل قبل صيامنا وقيامنا ام امحته الذنوب وغطت عليه وكانت كفتها ارجح مما عملنا في هذا الشهر وكما قال الإمام علي عليه السلام في خطبته عَنِ الصَّادِقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ (عليهم السلام) قَالَ: خَطَبَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (عليه السلام) لِلنَّاسِ يَوْمَ الْفِطْرِ فَقَالَ: "أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ يَوْمَكُمْ هَذَا يَوْمٌ‏ يُثَابُ‏ فِيهِ الْمُحْسِنُونَ وَيَخْسرُ فِيهِ الْمُسِيئُونَ، وَهُوَ أَشْبَهُ يَوْمٍ بِيَوْمِ قِيَامَتِكُمْ، فَاذْكُرُوا بِخُرُوجِكُمْ مِنْ مَنَازِلِكُمْ إِلَى مُصَلَّاكُمْ خُرُوجَكُمْ مِنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّكُمْ، وَاذْكُرُوا بِوُقُوفِكُمْ فِي مُصَلَّاكُمْ وُقُوفَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ رَبِّكُمْ، وَاذْكُرُوا بِرُجُوعِكُمْ إِلَى مَنَازِلِكُمْ رُجُوعَكُمْ إِلَى مَنَازِلِكُمْ فِي الْجَنَّةِ أَوِ النَّارِ.

وَ اعْلَمُوا عِبَادَ اللَّهِ أَنَّ أَدْنَى مَا لِلصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ أَنْ يُنَادِيَهُمْ مَلَكٌ فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ أَبْشِرُوا عِبَادَ اللَّهِ فَقَدْ غُفِرَ لَكُمْ مَا سَلَفَ مِنْ ذُنُوبِكُمْ، فَانْظُرُوا كَيْفَ تَكُونُونَ فِيمَا تَسْتَأْنِفُون".

لله درك ياعلي ما اجمل ماتنطق به أهو وحي ام بلاغة ام ماذا نتذكر في صلاة العيد خروجنا من قبورنا! ونذكر حين الصلاة وقوفنا بين يدي ربنا في المحشر!

وحين رجوعنا نذكر رجوعنا لمنازلنا في الجنة وان شاء الله تعالى ان نكون من اهلها وهذه دعوة اخرى للتفاؤل وعدم القنوط من رحمة الله ففلسفة العيد في منهج اهل البيت غير فلسفته عندنا نحن، حين نقضي اغلب وقتنا في (المولات) نتسوق لمجيء العيد ونحتفل بكثرة الاكل والشرب فيه وان كان من سيرتهم سلام الله عليهم لبس الجديد والتعطر ولقاء الإخوان وبالمقابل البعد الاخر الذي يجب ان لا يهمل من العيد وهو ماذكره الامام في خطبته، فلا تحزن ايها اليتيم ان لم تجد اباً يشتري لك هندام جديد ولا تتضايق ايها الفقير لملابسك الرثة وقصر ذات اليد فهذا ابو الأيتام وراعي الفقراء يقول لنا: "ليس العيد لمن لبس الجديد، وإنما العيد لمن أمن الوعيد".

المصدر bshra