لماذا وصف الإمام السجاد عمته زينب (ع) بـ «عالمة غير معلمة»؟

السيد جعفر مرتضى العاملي

ما هو معنى قول الإمام السجاد عليه السلام للسيد زينب عليها السلام «عالمة غير معلمة»؟

وكيف يصف الإمام عليه السلام عمته بصفة هي لله عز وجل؟

وعليه كيف نفرق بين علم الله عز وجل وعلم السيدة زينب عليها السلام من حيث إنهما من غير معلم؟

وفي الجواب نقول: إن الإمام السجاد للسيدة زينب عليهما السلام: «أنت بحمد الله عالمة غير معلمة» .. فهو يحتمل أحد معنيين:

الأول: أنها عالمة بالله تعالى وبآياته الظاهرة، من خلال فطرتها الصافية، وعقلها الراجح، وتدبرها في آيات الله تعالى، فلا تحتاج إلى من يعرفها بما يتوجب عليها في مثل هذه المواقع الحساسة ما يجب عليها من التحلي بالصبر، وجميل العزاء، والكون في مواقع القرب من الله تعالى، راضية بقضائه صابرة على نزول بلائه.

ولعل هذا المعنى هو المناسب لواقع الأمور التي تواجهها عليها .. والتي دعت الإمام السجاد عليه السلام لأن يقول لها ذلك.

الثاني: أن يكون مراده عليه السلام: أنها قد بلغت مراتب عالية جعلتها أهلاً لتلقي الإلهامات الإلهية الهادية، ومحلاً لنور العلم الذي يقذفه الله في قلب من يشاء، على قاعدة «وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ».

وأما وصف الإمام عليه السلام عمته بصفة هي لله تعالى، فنقول:

إن المراد بقول الإمام زين العابدين عليه السلام: إن السيدة زينب عالمة بتعليم الله تعالى لها . عن طريق إلهامها للحقائق، وفتح باب فهمها .. ويقظة فطرتها، وتدبرها في آيات الله تعالى ..

فهي عالمة غير معلمة من أحد من الناس . وإن كانت معلمة بتعليم الله، وتوفيقه، وهداياته، وشتان ما بين علم الله تعالى وعلمها عليها السلام، فإنه تعالى عالم بالذات، وأما زينب عليها السلام فهي عالمة بتعليمه تعالى، تماماً ككون الله غنياً بالذات، وفلان من الناس غني بالله تعالى .. والله قادر بالذات وغيره قادر بأقداره تبارك وتعالى.