من حرَم الإمام علي (ع) من الخلافة.. إرادة السماء أم البشر؟!

سؤال على لسان الطرف الآخر ما دامت خلافة علي عندكم عهد من الله تعالى وإعلان نبوي من رسوله (ص)، فلماذا لم يكن علي الخليفة الأول للنبي (ص) بلا فصل؟ فهل عجز الله عن تحقيق إرادته نعوذ بالله؟

الجواب: 

أولا: إنَّ السائلَ لم يميز بين الإرادة التكوينية لله تعالى والإرادة التشريعية، فالإرادة التكوينية هي التي يقول عنها عز وجل: (بديع السماوات والأرض وإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون) (البقرة: ١١٧) فما أراده سبحانه بهذه الإرادة يستحيل أن يتخلف.

أما الإرادة التشريعية فهي كإرادته عز وجل من إبليس أن يسجد، ومن كل الناس أن يؤمنوا، لكنه أعطاهم آلة الاختيار والقدرة فلم يسجد إبليسُ  ولم يستجب لتحقيق إرادة الله تعالى منه، ولم يؤمن أكثر الناس ولم يستجيبوا لتحقيق إرادة الله تعالى منهم، وهذا لا يعني العجز من الله تعالى، فإرادته هنا تشريعية لا تكوينية.

وكذلك هو حال الأمم بعد أنبيائهم عليهم السلام فقد أمرهم الله تعالى وأراد منهم أن يطيعوا أوصياء الأنبياء عليهم السلام، ولكن الكثير منهم عصوا الله تعالى وعزلوا الأوصياء عليهم السلام ونصبوا غيرهم من قبائلهم وأحزابهم، واختلفوا واقتتلوا!

وهذا لا يعني العجز من الله تعالى، لأن إرادته هنا تشريعية لا تكوينية، قال الله تعالى: (تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله ورفع بعضهم درجات وآتينا عيسى ابن مريم البينات وأيدناه بروح القدس ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم من بعد ما جاءتهم البينات ولكن اختلفوا فمنهم من آمن ومنهم من كفر ولو شاء الله ما اقتتلوا ولكن الله يفعل ما يريد) (البقرة: ٢٥٣) فهو سبحانه أراد أي سمح لهم أن يختاروا الخير أو الشر.

وثانيا: إن الغلبة والحكم ليسا من شرط الإمامة أبدا، فإن أكثر أوصياء الأنبياء عليهم السلام لم يحكموا بعدهم، وكانوا مغلوبين مضطهدين، كما أشارت الآية المتقدمة.

بل نصَّ النبي صلى الله عليه وآله على أن الأئمة من بعده سوف تكذبهم الأمة وتعاديهم وتقتل عليا والحسن والحسين عليهم السلام، وسوف يكونون مغلوبين، لكنهم لا يضرهم تكذيب من كذبهم!!

(ففي معجم الطبراني الكبير: ٢ / ٢١٣ و ٢١٤ ح ١٧٩٤: (عن جابر بن سمرة عن النبي قال: يكون لهذه الأمة اثنا عشر قيما، لا يضرهم من خذلهم، ثم همس رسول الله صلى الله عليه وآله بكلمة لم أسمعها، فقلت لأبي ما الكلمة التي همس بها النبي (ص)؟ قال أبي: كلهم من قريش).