الإمام الهادي (ع) يتعرض لابتلاء عظيم في «مجلس خمر» للخليفة المستبد

وهو في مجلس شرابه الليلي وقد غرق في بحر خمره، ينطق السلطان المطاع: احضروه، يدخل الجنود متسللين الى داره فينتزوعوه من محراب تهجده ثم يوقفوه امام الخليفة، تصور.. من محراب التهجد والانقطاع الى الله الى مجلس الخمر امام الخليفة القاهر المستبد -موقف صادم وابتلاء عظيم-.

يقدم له الخليفة كاس الخمر ويطلب منه ان يشرب-يشتد البلاء- أيقبل؟! والعياذ بالله او يرفض وماذا بعد رفض طلب الخليفة في تلك الحال؟! ما قيمة الدم والعرض عند الخليفة في تلك الحال؟!، لكنه -روحي له الفدا- رفض، قال: والله ما خامرت لحمي ودمي..

قالها والحال يحتمل كل احتمال.. لكنه ما تردد وقال.

رد الخليفة: انشدني شعرا اذن.. يبدو ان الخليفة كان مستغرقا في لذته والوقت وقت لعبه ومجونه.

فقال: إني قليل الرواية للشعر.

أصر الخليفة، لابد من ان تنشد شعرا..

اي شعر يمكن ان ينشد في ذلك المجلس، اي قصيدة تناسب ذلك المقام؟!

ينشد بابي هو وامي:

باتوا على قلل الأجبال تحرسهم                 غلب الرجال فلم تنفعهم القلل.

واستنزلوا بعد عز من معاقلهم                 وأسكنوا حفرا يا بئسما نزلوا

ناداهم صارخ من بعد دفنهم                    أين الأساور والتيجان والحلل

أين الوجوه التي كانت منعمة                   من دونها تضرب الأستار والكلل

فأفصح القبر عنهم حين ساءلهم                تلك الوجوه عليها الدود تقتتل

قد طال ما أكلوا دهرا وقد شربوا               وأصبحوا اليوم بعد الأكل قد أكلوا

حتى إذا انتهى من انشاد الشعر، انقلب الموقف، أصبح الخليفة القاهر ضعيفا ذليلا، وأصبح ذلك المتهجد قويا عزيزا، ندم الخليفة وبكى برق له بارق من فطرة تأبى ان تموت وليته التزم طريق فطرته بعدها ولكن هيهات.

اولياء الله هكذا هم دائما، قوتهم ليست في اموالهم وسلطانهم وطغيانهم، قوتهم في عزم اراداتهم وصلابة قلوبهم، وبتلك القوة لا بغيرها امتدت اثارهم وتهافتت القلوب عليهم كتهافت الفراشات على النور...

ذلك المتهجد كان الامام العاشر من اهل البيت، الذي اذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا.. الامام علي بن محمد الهادي المدفون في سامراء في العراق. حجة الله على خلقه حيا وميتا، واليوم تمر ذكرى شهادته مسموما عن عمر يناهز الاربعين عاما في سنة 254 هجرية.