ليست خرافة... هل يعتقد الشيعة وحدهم بـ "الغَيبة"؟

لا يمكن أن نعتبر مفهوم "الغيبة" من المفاهيم الغريبة، لأن أغلب المسلمين وغيرهم يعتقدون بغيبة عدة أشخاص عنهم. حتماً سينصرف ذهنك وأنت تقرأ هذا المقال إلى "الغائب" النبي عيسى بن مريم (عليه السلام)، وإلى الفتية من أصحاب الكهف الذين غابوا لفترة تزيد عن 300 عام ثم عادوا من جديد.

أما في حياة النبي موسى عليه السلام، فإن هذه الصفة -الغيبة-  تظهر واضحة وجلية، حيث أنه غاب لأكثر من مرة لأسباب متعددة، إذ كانت غيبته الأولى عند قتله القبطي مما اضطره الى مغادرة مصر والتوجه الى مدين لقرابة العقد من الزمان.

 بعد ذلك غيبته عن قومه عندما ذهب للقاء ربه، فيظهر جلياً من هذه الحقائق التي تحدث عنها القرآن الكريم في أكثر من موضع، أن مسألة الغيبة ليست عقيدة مختصة بطائفة الإمامية القائلين بغيبة إمامهم الثاني عشر ـ كما تبين ـ ثم إن الروايات المتواترة عن أهل بيت العصمة والطهارة (عليهم الصلاة والسلام) قد بلغت حد التواتر، وهذا لوحده كافٍ لدفع توهم أن فكرة الغيبة لم يكن لها عين ولا أثر قبل زمن السفراء رضوان الله عليهم، ومع هذا سنستدل عليها -الغيبة- بذكر مجموعة من الروايات (صحيحة السند)، وهذا شطر منها:

أ ـ عن محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن ابن محبوب عن إسحاق بن عمار قال: قال أبو عبد الله عليه السلام للقائم غيبتان إحداهما قصيرة والأخرى طويلة، الغيبة الأولى لا يعلم بمكانه فيها إلا خاصة شيعته والأخرى لا يعلم بمكانه فيها إلا خاصة مواليه. (الكافي الشريف)

ب ـ ما رواه الصدوق في كمال الدين عن أبيه ومحمد بن الحسن ومحمد بن موسى المتوكل، عن سعد بن عبداللّه وعبدالله بن جعفر الحميري، ومحمد بن يحيى العطار جميعاً، عن أحمد بن محمد بن عيسى وإبراهيم بن هاشم وأحمد بن أبي عبداللّه البرقي ومحمد بن الحسين بن ابي الخطاب جميعاً، عن أبي علي الحسن بن محبوب السراد عن داود بن الحصين عن أبي بصير عن الصادق جعفر بن محمد(ع) عن آبائه قال: "قال رسول اللّه ص المهدي من ولدي اسمه اسمي، وكنيته كنيتي، أشبه الناس خلقاً وخُلقاً تكون له غيبة وحيرة حتى تضل الخلق عن أديانهم فعند ذلك يقبل كالشهاب الثاقب فيملؤها قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً" نفس المصدر.

ج ـ  ما رواه الشيخ الصدوق في كمال الدين عن أحمد بن محمد بن يحيى العطار عن سعد بن عبداللّه عن أحمد بن محمد بن عيسى عن عثمان بن عيسى الكلابي عن خالد بن نجيح عن زرارة بن أعين، قال: سمعت أبا عبداللّه عليه السلام يقول: "إن للقائم غيبة قبل أن يقوم. قلت لهى ولم؟ قال: يخاف وأومأ بيده إلى بطنه، ثم قال: يا زرارة هو المنتظر وهو الذي يشك الناس في ولادته منهم من يقول هو حمل ومنهم من يقول هو غائب، ومنهم من يقول ما ولد ومنهم من يقول ولد قبل وفاة أبيه بسنتين، غير أن اللّه تبارك وتعالى يحب أن يمتحن الشيعة، فعند ذلك يرتاب المبطلون". نفس المصدر.

د ـ عن الحسن بن علي عن أحمد بن محمد بن يحيى العطار عن سعد بن عبدالله عن موسى بن جعفر البغدادي قال: سمعت أبا محمد الحسن بن علي العسكري عليه السلام يقول: "كأني بكم وقد اختلفتم بعدي في الخلف مني ألا إن المقر بالأئمة بعد رسول الله المنكر لولدي كمن أقر بجميع الأنبياء والرسل ثم أنكر نبوة رسول اللّه ص، لأنّ طاعة آخرنا كطاعة أوّلنا، والمنكر لآخرنا كالمنكر لأوّلنا، أما إن لولدي غيبة يرتاب فيها الناس إلا من عصمه اللّه" نفس المصدر.

هـ ـ عن الصدوق عن أبيه عن الحميري عن أيوب بن نوح عن محمد بن أبي عمير عن جميل بن دراج عن زرارة عن أبي عبد الله عليه السلام قال يأتي على الناس زمان يغيب عنهم إمامهم فقلت ما يصنع الناس في ذلك الزمان؟ قال يتمسكون بالأمر الذي هم عليه حتى يتبين لهم. نفس المصدر.