هل يعتقد علماء "الوهابية" بالمهدي (عج)؟!

 

لقد تواترت النصوص عند السنة قبل الشيعة أن هناك شخصية ستخرج في آخر الزمان باسم (المهدي) وسيملأ الأرض قسطاً بعد أن ملئت ظلماً وجوراً، وقد سمت كثير من الروايات ذلك الشخص باسمه واسم آبائه، وعلى الرغم من الإنكار لهذه الشخصية واعتبارها ضرباً من ضروب الخيال، متعللين بأن الاعتقاد بهذه الشخصية نابع من الشعور بالظلم والاضطهاد الذي مر بالشيعة على وجه التحديد، وبذلك نسجوا هذه الشخصية من محض الخيال ليس إلا، لكن المتتبع لتراث المسلمين على اختلاف مذاهبهم يجد أن هذه العقيدة لا تقتصر على فئة دون أخرى، بل هي واقع لا محيص عنه.

نعم هناك اختلاف في الجزئيات لا في أصل الفكرة، فمثلاً السنة يعتقدون أن المهدي هو شخص من ذرية النبي الأعظم (صلى الله عليه واله) يولد في آخر الزمان، وينشر راية الإسلام في ربوع المعمورة، وأما الشيعة فهم يعتقدون أن المهدي هو الإمام الثاني عشر من الأئمة الذين نص النبي (صلى الله عليه واله) على إمامتهم وأنه من ولد الحسين بن علي (عليه السلام) وهو الذي يخرج في آخر الزمان فيملأ الأرض عدلاً بعد أن ملئت ظلماً وجوراً، وهو حي موجود في أوساط الناس إلا أنهم يرون شخصه ولا يعرفون هويته.

ومن الجدير بالذكر أن البعض يتصور أن هذه شخصية المنقذ (المهدي) قد وجدت حتى في كتب علماء الوهابية، بل ذهب بعضهم الى كفر من ينكر شخصية المهدي، وإليك أقوالهم:

1- محمد بن صالح العثيمين ـ شرح العقيدة السفارينية ص407

المهدي يُبعث في آخر الزمان إذا مُلئت الأرض ظلماً وجوراً ونُسِّيَ فيها الحق وصار المظلوم لقمةً للظالم وانتشرت الفوضى فحينئذٍ يبعث الله هذا الرجل رجلاً إماماً مصلحاً للخلق مبيِّناً للحق.

والأحاديث الواردة فيه تنقسم إلى ثلاثة أقسام:

صحيح وحسن وضعيف بل منها ما هو موضوع

2-  صالح الفوزان ـ إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد ج5 ص11

قال العلامة السفاريني: قد كثرت الأقوال في المهدي، حتى قيل: لا مهدي إلا عيسى! والصواب الذي عليه أهل الحق أن المهدي غير عيسى، وأنه يخرج قبل نزول عيسى عليه السلام، وقد كثرت بخروجه الروايات حتى بلغت حد التواتر المعنوي، وشاع ذلك بين علماء السنة حتى عد من معتقداتهم.

3- صالح ال الشيخ ـ شرح العقيدة الطحاوية ج1 ص324

وأحاديث المهدي تأوّلها جماعة ومنها ما لم يُصَحَحَ، ومنها ما صُحِّحْ، فالمقصود أنها ليست مثل الكلام في الجن والكلام في الغيبيات التي جاءت في القرآن وهي التي تكون متواترة بدِلالة قطعية، فلذلك من أنكر المهدي أو أنه سيخرج أو قال: لا مهدي بعد محمد صلى الله عليه وسلم، ونحو ذلك فإنه يقال أخطأ وخالف ما جاء في الأحاديث ولا يحكم عليه بالكفر.

وقد قال بهذا القول جماعة من المنتسبين إلى العلم وأخطأوا في هذا خطأً شنيعا؛ لأنَّ الأحاديث كثيرة متعددة المخارج في السنن والمسانيد وغيرها.

4-  عبد المحسن بن حمد العباد ـ الانتصار لأهل السنة والحديث ص43

وما جاء من أخبار عن المهديِّ والدجَّال يجب التصديق بها كغيرها من أشراط الساعة التي أخبر عنها الرسول، وستقع طبقاً لِمَا أخبر به الرسول، ومن الأقوال التي فُسِّر بها الغيب في قول الله عزَّ وجلَّ:

{الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ}

5-  د. ناصر بن عبد الكريم العقل ـ حراسة العقيدة ص89

إن أشراط الساعة الكبرى وكثير من الصغرى، ومنها:

(المهدي) قد ثبتت بها النصوص، وكل ما ثبتت به النصوص القطعية وجب اعتقاده سواء سميناه: العقيدة أو السنة، أو أصول الدين، أو القطعيات أو الأخبار القطعية فكل هذه اصطلاحات صحيحة، ولا مشاحة في الاصطلاح.

وكل ما ثبت في القرآن أو صحت به السنة فهو مما يجب الإيمان به، والتسليم بأنه حق، وهذا هو معنى كونه (عقيدة).

 

من هنا بات واضحاً أن هذه العقيدة هي عقيدة من صميم الإسلام وليس بسبب وجهة نظر سياسية، أو بسبب عوامل اجتماعية أفرزت مجموعة من الناس يدينون بهذا الاعتقاد.