كيف نحافظ على أسرنا من التصدّع؟

* الشيخ فوزي السيف

موقع العفاف كمفهوم يعتبر في الدرجات العالية ليس فقط في مقياس الأخلاق بل حتى بالقياس للعبادات .. فقد أعتبر كما في الروايات : أفضل العبادة ، كما في حديث عن أمير المؤمنين (ع) : أفضل العبادة شيء واحد ، وهو العفاف .. وأحب العفاف إلى الله عفاف البطن والفرج .. وفي الصحيح ، عن أبي بصير قال : قال رجل لأبي جعفر (ع) : إني ضعيف العمل ، قليل الصيام . ولكني أرجو أن لا آكل إلا حلالا قال فقال له : وأي الاجتهاد أفضل من عفة بطن وفرج . وإذا كان لكثير من الذنوب ، كالسرقة ، وأكل الحرام ، والزنا ، منشأ هو الحرص ومد اليد أو النظر أو التطلع إلى الشهوة المحرمة ، فإن منشأ ما يقابلها من الأمانة والامتناع عن الحرام ، وعدم القرب من الزنا ينتهي إلى العفاف .. في الحياة الزوجية والأسرية.

يلعب العفاف الدور الأكبر في حفظ الأسرة من التصدع .. فإنه قد اعتبر أفضل ما تتحلى به المرأة (الزوجة) : وتحفظه إذا غاب عنها في نفسها وماله.. واعتبر النبي (ص) هذا النمط من النساء ممن يستحق أن يكنز !! ، فقد روي أنه لما نزلت آية : الذين يكنزون الذهب والفضة .. قال : ألا أخبركم بخير ما يكنز؟ المرأة الصالحة، اذا نظر إليها سرته وإذا أمرها أطاعته وإذا غاب عنها حفظته! وهناك علاقة تبادلية: وجدلية ( مؤثرة ومتأثرة ) بين عفاف الزوجة وعفاف الزوج، ولهذا وجه للزوج الحديث (عفوا تعف نساؤكم) وأنه (كما تدين تدان) وهو أمر ليس بالغيبي بالضرورة بل هو قانون اجتماعي .. في الحديث عن النبي (ص) : (تزوجوا في آل فلان فإنهم عفوا فعفت نساؤهم) .

بيئة العفاف الاجتماعي: تأتي التوجيهات الاجتماعية لتخلق تلك البيئة بدءا من قضية التفكير والهم والنية : ففي الخبر الصحيح عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (ع) قال : اجتمع الحواريون إلى عيسى عليه السلام فقالوا له : يا معلم الخير أرشدنا فقال لهم .. فقال إن موسى نبي الله أمركم أن لا تزنوا وأنا آمركم أن لا تحدثوا أنفسكم بالزنا فضلا أن تزنوا فإنه من حدث نفسه بالزنا كان كمن أوقد في بيت مزوق فأفسد التزاويق الدخان وإن لم يحترق البيت . وعن أبي حمزة قال : كنت عند علي بن الحسين (ع) فجاءه رجل فقال : يا أبا محمد إني مبتلى بالنساء فأزني يوماً وأصوم يوماً فيكون ذا كفارةً لذا ، فقال له علي بن الحسين (ع) : «إنه ليس شيء أحب إلى الله عز وجل من أن يطاع فلا يعصى فلا تزني ولا تصوم» فاجتذبه أبو جعفر (ع) إليه فأخذه بيده فقال: «تعمل عمل أهل النار وترجو أن تدخل الجنة»

الحجاب والتستر: والغرض منه منع إثارة الشهوة، ويقابله بالنسبة للرجل لزوم غض البصر، لا أن يقول البعض انظر إلى فلان شيء منها ظاهر، وهو يدقق في ذلك (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ).. الحجاب هو اعلان التزام، وينبغي أن يكون هو تصادق بين الإعلان وبين المعلن عنه.. الحجاب غرضه ما قاله القرآن (ذلك أطهر لقلوبكم وقلوبهن)، (أزكى لهم)..

الحجاب دعوة اجتماعية، وتبليغ متنقل.. فلا ينبغي أن يخالف ما وضع له.. لو أن شخصا أخذ معه لافتة تقول أنا ملتزم لكان ذلك شيئا ممجوجا لكن المرأة المحجبة تصنع ذلك بحجابها بلطف.

( كلام المسلمة مينة أمينة ت 2010 التي كادت ان تُقتل لإسلامها وحرمت من حضانة أبنائها، تتحدث عن أن الكثيرات من المسلمات لا يعرفن لماذا يضعن قطعة القماش على رؤوسهن.. يُعرفن / فلا يؤذين.. تعرف أنها مسلمة وبالتالي ملتزمة بالوفاء والخلق ..الخ . هي مسلمة وليست لعبة !

المنع من الاختلاء المؤدي إلى الحرام: فإن التحريم هنا مقدمي.. ومثله التواصل المؤدي إلى الحرام، يسأل البعض عن هل يجوز التواصل بين الشاب والشابة؟ فيقال: إن الأمر يحكم بمؤدياته..

من دوافع الخيانات: الحياة الجنسية الباردة، وهذا بالطبع ليس تبريرا، وإنما هو ذكر سبب لفهم طريقة علاجه، مثلما أنك تقول إن سبب الأيدز مثلا هو العلاقات الجنسية الخاطئة، فإن معرفة هذا السبب لابد أن يقود إلى علاجه بترك تلك العلاقات .

ترك التهيئة:  ففي القوي عن الحسن بن جهم قال رأيت أبا الحسن (ع) اختضب فقلت جعلت فداك اختضبت؟ فقال نعم إن التهيئة مما تزيد في عفة النساء، ولقد ترك النساء «أو نساء» العفة بترك أزواجهن التهيئة، ثمَّ قال: أيسرك أن تراها على ما تراك عليه إذا كنت على غير تهيئة؟ قلت لا قال فهو ذاك)، فالتسويف من قبل كل منهما قد ينتهي إلى الانحراف الجنسي.

يعتقد بعض الرجال أنهم يمكنهم أن يكوّنوا علاقة مع نساء أجنبيات وأن يمارسوا المحرمات معهن.. ولكن زوجته ينبغي أن تكون وفية وأمينة له فقط, ومن ناحية أخرى تعتقد بعض الزوجات أنه يجب معاملة الزوج بمثل معاملته لزوجته أي السيئة بالسيئة .