عشر خطوات لتجنب العنف الأسري 

عندما ندقق في الكثير من حالات العنف الاسري وخصوصا العنف بين الزوجين نجد ان منشأه أسباب بسيطة, ومن الممكن جداً تجنبه فيما لو اتبع الزوجان الحكمة في العلاقات بينهما, ولكي يكون التوافق هو السائد في العلاقات الزوجية ينبغي الالتزام بمجموعة من القواعد في فن التكيف الاسري منها:

1- اشاعة المودة: 

لتكوين اسرة ناجحة يجب ان تقوم على المودة والرحمة بين افرادها, فالمنزل الذي يسوده اجواء المودة والتعاطف والترحم يخرج منه افراد اسوياء, وعلى العكس، فإن المنزل الذي تسوده اجواء الاضطراب والعنف سوف يخرج حتماً افرادا مضطربين, لذلك يكون تلاحم الاسرة فيما بينها امر ضروري مما يؤدي الى شيوع المودة, لذلك على المرأة الناضجة ان تمنح زوجها الحب الخالص , وان تستجيب لرغباته , والا فأنها تهدد حياتها الزوجية بالخطر وتقضي على سعادتها الزوجية, فعند غياب المودة والرحمة بين الزوجين ينقلب الزواج الى جحيم , فحتى لا يقع كل ذلك,  لنعمل على اشاعة نسائم المودة , ورياح الرحمة بين جميع افراد الاسرة  كما في قوله تعالى: (ومن آياته ان خلق لكم من انفسكم ازواجا لتسكنوا اليها وجعل بينكم مودة ورحمة ان في ذلك لايات لقوم يتفكرون) سورة الروم , الايه 21.

2- تبادل المحبة:

 الحب المتبادل بين الزوجين احد العناصر النفسية الهامة التي تلعب دورا اساسيا على صعيد تفاهم الزوجين واستقرار الاسرة, فالحب الحقيقي والمتبادل بين الزوج وزوجته كفيل بالقضاء على جميع حالات التوتر والتشنج في الحياة الزوجية, اما عندما يكون الحب من طرف واحد او لا يكون اصلا , فإن ابسط اختلاف قد يؤدي الى العنف او التوتر العصبي ,وحتى نمنع  حدوث ذلك علينا ان نحول حياتنا الزوجية وكياننا الاسري الى منطلق للحب الحقيقي بين افراد الاسرة , ونزرع مشاعر الحب والمودة , ونقلع اشواك الكراهية والقسوة من بنياننا العائلي.  

3- استخدام الكلمات الجميلة :

 ان من اهم الامور التي تقوي الروابط الزوجية هو استخدام الكلمات والالفاظ الجميلة بينهما , فعندما يخاطب الزوج زوجته بأجمل الالفاظ الى قلبها وبأحلى الكلام الى عقلها , فإنها ستزداد حبا له , ووفاء واخلاصا اتجاهه , وكذلك الزوجة عندما تنادي زوجها بأحسن الالفاظ واجملها , فأن ذلك يعمق الحب والمودة بينهما, فالكلمات العاطفية مهمة لأنها تنمي المحبة بينهما , وتقضي على اي بوادر للغضب بين الطرفين وهذا ينعكس ايجابيا على الاطفال ايضا.

لذلك يجب على الطرفين الابتعاد عن اي الفاظ غير مقبولة او مؤذية او مثيرة للأعصاب او مهيجة للغضب حتى لا يقع العنف بين الزوجين ويحصل التكيف الاسري.

وقد ورد عن الامام السجاد (عليه السلام) وهو يعدد فوائد القول الجميل: " القول الحسن يثري المال , وينمي الرزق , وينسئ في الاجل , ويحبب الى الاهل , ويدخل الجنة "  الوسائل , الحر العاملي , مؤسسة ال البيت (عليه السلام) لاحياء التراث , بيروت – لبنان , الطبعة الاولى 1413ه - 1993م, ج 12, ص 186, رقم 16038.

ومن هنا، فإن القول الحسن يحبب الأهل فيما بينهم ويقوي التماسك الأسري وينمي الثبات في العائلة وبالتالي الاستقرار المنشود.

4- اتباع منهج التسامح :

 طبيعة الانسان انه يصيب ويخطئ , فقد يخطأ الزوج اتجاه زوجته , وقد تخطيء الزوجة تجاه زوجها، ولكيلا يستحيل الخطأ إلى مشاجرات بين الزوجين، عليهما اتباع منهج التسامح والعفو واللين , والتغاضي عن صغائر الأمور، والا تحول اي خطأ او سوء فهم او مشكلة صغيرة الى عامل مساعد في استخدام اساليب عنيفة في الحياة الزوجية مما يؤدي الى انهيارها , كما ان هذه الاجواء تعرض الاطفال الى خطر كبير , ويفقدهم الشعور بالطمأنينة التي هي اكبر حاجة لتنشئة الطفل نشأة سليمة.

فأذا اردنا القضاء على اي جذور للعنف بين الزوجين , فإن من المهم للغاية ان يتبع الزوجان منهج التسامح تجاه اخطاء احدها على الاخر , والعفو عن الهفوات التي تصدر عن اي منهما , ومعالجة اي مشكلة بهدوء والحوار وتناسي الاخطاء والمشاكل السابقة , وتعميق السلم الاسري.

5- القيام بالواجبات واداء الحقوق :

الاسرة تقوم على حقوق وواجبات متبادلة اذ يجب على كل من الزوج والزوجة القيام بواجباته , وتوفير الحقوق للطرف الاخر فحقوق الزوج على زوجته تعتبر واجبات بالنسبة لزوجته يلزمها القيام بها , كما ان للزوجة حقوقا على زوجها وهي واجبات بالنسبة للزوج ويلزمه القيام بها, فتعيش الاسرة في راحة وسكون وسعادة عندما يقوم الزوجان بواجباتهما وحقوقهما تجاه بعضهما البعض , في حين تتحول الحياة الزوجية الى شقاء وتعاسة عندما يقصر احدهما ,لذلك ينبغي على الطرفين معرفة حقوقهما وواجباتهما لكي تنجح الحياة الزوجية وتبنى على السعادة ,وعند حدوث غير ذلك سوف يؤدي الى عنف بين الزوجين وربما الانفصال بالطلاق و وهدم كيان الاسرة .

6- فهم كل طرف للأخر:

 ان وجود التفاهم المتبادل بين الزوجين يساهم في استقرار الحياة والعيش بسعادة ومودة ,فالتفاهم حول مختلف الامور وفهم كل طرف للآخر فهما صحيحا , اي معرفة ما يريحه وما يزعجه, وما يهدئ اعصابه ويثيرها كل ذلك يؤدي الى تجاوز الخلافات.

اما غياب التفاهم والتحاور الهادئ, او عدم فهم احدهما للآخر يؤدي الى نشوء صرعات بينهما , وبمرور الزمن يتحول الى ضربات عنيفة وبالتالي تتراكم المشاكل ويزداد التشنج بينهما ومن ثم يحدث العنف بمختلف اشكاله , ولكي نتخلص من لك ينبغي على الطرفين فهم احدهما للآخر بصورة عميقة وان يكون حوار هادئ بينهما في حل المشاكل وبذلك يتم التخلص من اي جذور للعنف. 

7- الاحترام المتبادل:

 الاحترام المتبادل بين الزوجين يقوي اواصر الحياة الزوجية ويقضي على اي بذور للمشاكل والازمات التي قد تحدث لاي اسباب كانت , لذلك تؤكد التعاليم الاسلامية على اهمية الاحترام , فأحترام الزوجة لزوجها يزيده اخلاصا وحبا لها , يقول الامام الصادق (عليه السلام) “سعيدة سعيدة امرأة تكرم زوجها ولا تؤذيه وتطيعه في جميع احواله “  الوسائل , الحر العاملي , مؤسسة ال البيت (عليه السلام) لاحياء التراث , بيروت – لبنان , الطبعة الاولى 1413ه – 1993م, ج16, ص280,رقم 21555.

اما في حالة غياب الاحترام المتبادل فإن المشاكل تزداد يوما بعد يوم بينهما , ويترك النزاع والخصام المستمر بينهما تأثيرات سلبية على حياة الاطفال ومستقبلهم.  فالاحترام المتبادل يؤدي الى استقرار العائلة وثباتها واستمرارها اما غيابه يؤدي الى عكس ذلك , والنتيجة: صراع عنيف بين الزوجين وعنف وصراخ وتذمر , وربما تنتهي الحياة الزوجية الى التفكك والانفصال .

8- التقارب الثقافي: 

يلعب التقارب الثقافي والفكري بين الزوجين دورا اساسيا في الحياة المشتركة ونجاحها فهو يساعد على خلق حالة من الارتياح النفسي , والانسجام العقلي , والتفاهم حول مختلف الامور , اما في حالة انعدام التقارب الثقافي , والتباعد الفكري فأن كل شيء بسيط يمكن ان يحول الحياة الزوجية الى صراع عنيف , ومن هنا يأتي اهمية اختيار شريك الحياة , بحيث يكون الطرف الاخر قريبا فكريا وثقافيا معه فهذا ينمي حالة الانسجام بين الزوجين , لذلك كلما تقارب الزوجان ثقافيا وفكريا انسجما معا في قالب واحد فالزواج الناجح ما هو الا انصهار روحين في بوتقة واحدة. اما في حالة وجود اختلاف بسيط بين الزوجين عليهما ان يتعلما اصول ادارة الاختلاف , وعدم السماح بأن تتحول وجهات النظر الى معارك بيهم لان ذلك يفسد العلاقة الزوجية .

9- الانسجام العاطفي:

 ان من اهم الامور التي تساهم في نجاح الحياة الزوجية , وتثبيت الاستقرار والسعادة فيها هو الانسجام العاطفي بين الزوجين فهذا الانسجام المهم يساهم في القضاء على اي خلافات او سوء فهم كم انه يقضي على اي هموم , فاذا وجدت زواجا ناجحا فاعلم ان هناك انسجام عاطفي , واذا وجدت زواجا فاشلا وتسوده الصراعات والنزاعات والخلافات وتبادل الاتهامات , واستخدام الضرب فان هناك غياب تام للانسجام العاطفي لذلك يبقى الانسجام اكثر من امر هام في حماية الاسرة من اي اساليب او وسائل عنيفة كالضرب , والطرد وغيرها من الاساليب, فلا يمكن لزوج يحب زوجته ومنسجم معها عاطفيا ان يمارس العنف ضدها , كما لا يمكن لزوجة منسجمة مع زوجها ومتوافقة معه ان تمارس العنف ولو اللفظي ضد زوجها , لذلك اذا اردنا حياة زوجية سعيدة خالية من المشاكل فمن المهم اتقان فنون الاشباع العاطفي.  

10- التوسعة على الابناء :

 ينبغي على الزوج توفير كل ما تحتاجه العائلة من متطلبات, ومن جهة أخرى، ينبغي أن تتفهم الزوجة لظروف زوجها المالية، وعدم الضغط عليه بما يرهقه، لان عدم تفهما لظروفه والالحاح عليه بالمطالبات التي لا تنتهي, واظهار التذمر منه، قد يثير غضب بعض الأزواج أو تذمره من الزوجة، وقد يؤدي إلى فتور العلاقة بين الزوجين بسبب الإلحاح المتواصل, وهذكا ينبغي على الزوجة تفهم ظروف زوجها في كل مرحله, والقناعة بما تيسر,  لكي تستقر الحياة العائلية, لإسعاد الأبناء وتوفير الأجواء المناسبة للعيش بسلام في المنزل, اما عندما يكون الزوج غنيا لكنه يبخل على اولاده ولا يوفر لهم المقدار الواجب او المستحب من النفقة؛ فأن ذلك يؤدي الى البغضاء والكراهية بين الزوجين وبين الاب وأولاده، بل يتمنون موته حتى يحصلوا على أمواله.

فقد ورد عن ابي الحسن الرضا (عليه السلام) قوله " ينبغي للرجل ان يوسع على عياله لئلا يتمنوا موته ". (الوسائل , الحر العاملي , مؤسسة ال البيت (عليه السلام) لاحياء التراث , بيروت – لبنان الطبعة الاولى 1413ه- 1993م,ج21,ص541,رقم 27810).

 لذلك على الزوج توفير كل ما يحتاجون حتى يعيش جميع افراد الاسرة بسعادة واطمئنان , وراحة وسلام , وتفاهم وانسجام , وحب واحترام.  

*مركز الإرشاد الأسري.