كربلاء تستقبل عشاقها

 منذ اكثر من عشرة أيام وطريق العشق الحسيني الابدي ينبري من قلوب سالكيه ليرسم لوحة المسير الزينبي، لكن رواده عشاق الحسين يحملون في خواطرهم ويستشعرون مع خطوات المسير كل تلك الخواطر والسلوكيات التي تخللت مسير الحوراء زينب (عليها السلام) من كربلاء الى الشام ومن الشام الى كربلاء، وها نحن نشاهد بل العالم كله يشاهد، هذا السيل الجارف الذي يحمل ذلك العشق الذي لا ينتهي لسببين أثنين: أولهما وعد النبي (صلى الله عليه وآله) لابنته الزهراء (عليها السلام) حيث قال لها:{ يا فاطمة! إنّ نساء أُمّتي يبكون على نساء أهل بيتي، ورجالهم يبكون على رجال أهل بيتي، ويجدّدون العزاء جيلاً بعد جيل في كلّ سنة، فإذا كان القيامة تشفعين أنت للنساء وأنا أشفع للرجال، وكلّ من بكى منهم على مصاب الحسين أخذنا بيده وأدخلناه الجنّة}.

والامر الاخر، قول سيدة المسير زينب بنت علي (عليهما السلام) حيث قالت لولد أخيها الامام السجاد (عليه السلام): {سينصب بهذا الطف علم كلما اجتهد ائمة الجور على محو اثره فلا يزداد الا علوا وارتفاعا}.

فكان أولئك الزاحفون نحو قبلة الاحرار ومحط رحال العشاق حقيقة هم مصداق وعد النبي (صلى الله عليه وآله) وعهد زينب (عليها السلام) فها هم يأتون لزيارة الاربعين المقدسة.

وها نحن بل العالم كله يرى بأم عينه تلك العجوز وذلك الشيخ تلك الطفلة وذلك الطفل تلك المرأة وذلك الرجل وهم يسيرون مع كل ذلك البعد للطريق الذي يتخلله التعب والعناء والبرد والحر حسب تغير اجواء الليل والنهار لكنهم لم يروا في طريقهم إلا حقيقة واحدة وهي حقيقة الوصول الى أرض حملت على اكفها جسد حفيد رسول الله (صلى الله عليه وآله) الامام الحسين (عليه السلام) أننا لو سألناهم لوجدنا من القصص ما لم تسمعها اذن سامع ولشاهدنا من معاجزهم ما لم ترى عين باصر، ابن يحمل امه مع مرضها وهي مصابة بمرض تسبب بقلع جزء من جسدها أو زوج ترك زوجته وهي بأيام ولادتها لرجع وأبنه يبصر النور ماذا نقص وماذا نقول عن سائر على ساق ليس لها قدم تسندها أو متكئاً على عربة علها تعينه على مسيره.

ثم لم ننسى أولئك الذين سهروا الليل وبذل المال والجهد لراحتهم انهم أعدوا بيوت العشق الحسيني مواكب الركب الزينبي أبوا إلا ان يملئوا طريق الحسين منازل للراحة والمبيت والاطعام أبوا ان لا تعاد غصة ألم سبي زينب والعيال وما لاقوه من جوع وعطش، وقفوا ليقولوا لها لم يعطش لكِ سيدتي طفلا ولا يجوع لكِ سيدتي يتيماً عاهدوها ان يفرشوا طريق سير محبيها بكل ما يسهل لهم غاية وصولهم فرشوا الطرقات واخلوا الدور ليكون نزالها سائري طريق الولاية. 

أما ما يقدمه أهم طرفا في القضية بل اساس القضية رجال السواتر وحماة المقدسات إذ لولا وقفتهم على سواتر العزة لما تمكن اهلنا من الحث بمسيرهم ولما تمكن خادميهم من الوقوف لخدمتهم انهم رجال الله من الحشد المقدس والقوى الامنية ورجال الاتحادية والجيش العراقي الغيور .

فكربلاء تفتح ذراعيها لقاصديها وها هي تستقبل زائريها وعشاقها بكل لهفة وذلة خدمة فنحن لهم خدم قائمون ليصلوا ويستنشقون من عطر معشوقهم حبيب قلوبهم الامام الحسين الشهيد (عليه السلام).