زكاة الفطرة: الأصل القرآني والحكم الفقهي

"زكاة الفطرة" عبارة مؤلفة من كلمتين: زكاة – فطرة.

الأولى: الزكاة تعني في أصل وضعها النماء والزيادة، وشرعياً لها قسمان: مستحبة وهي الصدقة، وواجبة وهي أيضاً بدورها قسمان: زكاة المال (في الأنعام الثلاثة: الإبل والبقر والغنم، والغلات الأربع: الحنطة، والشعير، والتمر، والزبيب، وفي النقدين: الذهب والفضة )، والقسم الآخر الواجب من الزكاة هو: زكاة الفطرة وعنها نتحدث هنا.

الثانية: الفطرة وتعني في اللغة الابتداء والخلق ( فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) [الأنعام: 14] ومن ثمّ فزكاة الفطرة يعني أحد وجوه ثلاثة: فهي إمّا بمعنى زكاة خلقة البدن حفظاً له عن الأمراض وعن الموت وتطهيراً عن الأدران و الاوساخ، وإما بمعنى الدين  ( فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} [الروم: 30].  أي زكاة الاسلام والدين، ولا مانع من إرادة المعنيين، وثمة وجه ثالث أفاده بعض العلماء هو بمعنى الافطار، من حيث أنّ وجوبها يوم الفطر، لكن قد يوجه عليه أنّ المناسب هو تسميتها حينئذ زكاة الفطر كما يسميها أهل السنة، لا زكاة الفطرة كما وردت في الأخبار عن عترة النبي الأطهار !

هذا من حيث اللفظ والعبارة، وثمة أسئلة عنها: هل لها جذر قرآني ؟ فإن كان فما هو ؟ ثمّ وماهي أهم مسائلها الابتلائية دون الخوض في التفاصيل ؟

آية زكاة الفطرة:

أصل زكاة الفطرة في القرآن هو قوله تعالى: (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى) [الأعلى: 14] فإنّها نزلت في زكاة الفطرة  فهي القصودة بـ" تزكى" لا زكاة الأموال فإنّها شرعت كغيرها من كثير من الواجبات في المدينة والآية مكية على المشهور، مضافاً إلى تفسير الاحاديث لها بزكاة الفطرة  :

تفسيرها في الروايات:

اليك ثلاثة اخبار فسّرت قوله تعالى: (قد أفلح من تزكى) بزكاة الفطر:

1ـ ما ورد عن زكاة الفطرة في صحيح هشام بن الحكم عن الامام الصادق عليه السلام فِي حَدِيثٍ: قَالَ نَزَلَتِ الزَّكَاةُ وَلَيْسَ لِلنَّاسِ أَمْوَالٌ وَإِنَّمَا كَانَتِ الْفِطْرَةُ / الوسائل حديث رقم [ 12110]

2ـ في من لا يحضره الفقيه وسئل الصادق عليه السلام عن قول الله عز وجل" قد افلح من تزكى" قال: من اخرج الفطرة.  قيل له : "وذكر اسم ربه فصلى" قال: خرج

إلى الجبانة (اي الصحراء ) فصلى.

3ـ وروى حماد بن عيسى عن حريز عن ابى بصير وزرارة قالا: قال

أبو عبد الله عليه السلام: ان من اتمام الصوم اعطاء الزكوة يعنى الفطرة، كما ان الصلوة على النبى صلى الله عليه وآله من تمام الصلوة، لانه من صام ولم يؤد الزكوة فلا صوم له اذا تركها متعمدا، ولا صلوة له اذا ترك الصلوة على النبى وآله، ان الله عز وجل قد بدء بها قبل الصوم قال" قد افلح من تزكى * وذكر اسم ربه فصلى".

الأحكام الفقهية لزكاة الفطرة:

ذكر الفقهاء في رسائلهم العملية أحكام [ زكاة الفطرة ] بعد زكاة الأموال، ونحن ذاكرون أهم احكامها.

*فمنها: وجوب اخراجها على المكلف عن نفسه وعن كل من يدخل تحت كفالته ورعايته في المعيشة ولو لمدة قصيرة حتى الضيف لو بات عنده. 

*ومنها: ان ما يدفعه في زكاة الفطرة هو كل ما يعد قوتا لأهل البلد، يتعارف عندهم التغذي به كالأرز وغيره في بلداننا، ويكون بمقدار ثلاثة كليوات، أو 1500دينار عراقي للفرد الواحد تقريبا.كما حددها مكتب سماحة المرجع الأعلى السيد علي الحسيني السيستاني، دام ظله الوارف، ينويها بدلاً عن الطحين 

* ووقت دفعها: يجوز إخراج زكاة الفطرة خلال شهر رمضان مقدماً على وقت وجوبها. ويجوز التأخير في إخراجها في يوم العيد إلى زوال الشمس لمن لا يصلي صلاة العيد، وأما من يصليها فالأحوط لزوماً أن لا يؤخر إخراجها عن أداء الصلاة. وإذا أخر المكلف إخراج فطرته عن زوال الشمس فليؤدها بقصد القربة المطلقة من دون نية الأداء والقضاء.

*لمن تدفع: تدفع زكاة الفطرة لفقراء ومساكين المؤمنين، نعم تحرم فطرة غير السادة على السادة، ويستحب تقديم الارحام والجيران على سائر الفقراء وينبغي الترجيح بالعلم والدين والفضل، كل ذلك ذكره الفقهاء في بحوثهم الفقهية ورسائلهم العملية فراجع هناك.