غير ما نقرأه في الرسائل العملية.. علامات البلوغ من أين جاءت؟!

البحث عن البلوغ له جوانب متعددة فتارة يبحث عنه في علم الطب، كالبحث عن عوارض البلوغ المختلفة، من اشتداد العظم، وغلظة الصوت، وطول القامة، وظهور الثديين في المرأة، وظهور الشعر في العانة إلى غير ذلك من العوارض.

 وتارة أُخرى يُبحث في القانون الوضعيّ، وثالثة في الفقه الاِسلامي.

 والبحث عن البلوغ في الفقه من حيث كونه مبدأ للتكليف.

البلوغ في الآيات الشريفة

قد عبّـر سبحانه عن البلوغ في آياته المباركة بالتعابير الثلاثة التالية:

1ـ بلوغ الحلم. قال سبحانه: «وَإِذا بَلَغَ الاَطْفالُ مِنْكُمُ الحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأذَنَ الّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آياتِهِ وَ اللّهُ عَلِيمٌ حَكيمٌ» النور:59.

والمراد من الحلم في الآية الشريفة: الكناية عن خروج المنيّ، سواء كان في اليقظة أو في المنام.

2ـ بلوغ النكاح. قال سبحانه:(وَابْتَلُوا الْيَتامى حَتّى إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ) النساء:6.

اتّفق الفقهاء على أنّه لا يدفع مال اليتيم إلاّ بعد البلوغ واستئناس الرشد، فقد عبّرت الآية عن الشرط الاَوّل ببلوغ النكاح وهو في اللغة بمعنى الوطء.

3ـ بلوغ الاَشد. قال عزّ وجلّ: «ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ» . الحج:5.

وقال عزّ وجلّ: «وَلَمّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَ اسْتَوى آتَيْناهُ حُكْماً وَعِلْماً». القصص:14.

والمراد من بلوغ الاَشد بلوغه من القوة الذي يكون مبدؤه الاحتلام.

البلوغ في السنة

قد وردت علامات للبلوغ في السنّة الشريفة:

1. الاحتلام. قال الامام الصادق عليه السلام: «...فإذا بلغوا الحلم كتبت عليهم السيئات». الوسائل: الجزء 1، الباب 4، من أبواب مقدمات العبادات، الحديث 1،.

والظاهر من الروايات في هذا الباب عدم الفرق بين الذكر والاَنثى.

جاء في صحيح الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن المرأة ترى في المنام ما يرى الرجل، قال: «إن أنزلت فعليها الغسل، وإن لم تنزل فليس عليها الغسل». (الوسائل: الجزء1، الباب 7 من أبواب الجنابة، الحديث 5، راجع سائر أحاديث الباب).

2. الاِنبات. والمراد إنبات الشعر على العانة من دون فرق بين الذكر والاَنثى، جاء في رواية حمزة بن حمران عن  أبي جعفر عليه السلام: «لا يخرج من اليتم حتى يبلغ خمس عشرة سنة، أو يحتلم، أو يشعر، أو ينبت».

(الوسائل: الجزء 1، الباب 4، من أبواب مقدمات العبادات، الحديث 1.)

والاِنبات هو وجود الشعر في العانة، بخلاف الشعر فإنه قد يوجد في غير العانة.

3. السن.

يقع الكلام في مقامين: سن البلوغ في الذكر، وسنّ البلوغ في الاَنثى.

اما سن البلوغ في الذكر، لا شكّ انه علامة للبلوغ ، والقول المشهور عند الشيعة هو بلوغ الذكر خمس عشرة سنة، والدليل عليه رواية بن حمران المتقدمة، وصحيح يزيد الكناسي قال: قلت لاَبي جعفر  عليه السلام: متى يجوز للاَب أن يزوج ابنته ولا يستأمرها؟ قال: إذا جازت تسـع سنين ـ إلى أن قال:ـ قلت: فالغلام يجري في ذلك مجرى الجارية؟ فقال: «يا أبا خالد انّ الغلام إذا زوّجه أبوه ولم يدرك كان بالخيار إذا أدرك وبلغ خمس عشرة سنة أو يشعر في وجهه أو ينبت في عانته قبل ذلك». (الوسائل: الجزء 14، الباب 6 من أبواب عقد النكاح، الحديث 9).

اما سن البلوغ في الانثى: فقد دلت الروايات في ابواب مختلفة على ان حد البلوغ في الانثى هو تسع سنين . منها ما رواه الشيخ الصدوق بسند صحيح في «خصاله» عن ابن أبي عمير، عن غير واحد، عن أبي عبد اللّه عليه السَّلام قال: «حدّ بلوغ المرأة تسع سنين».

وصحيحة الحلبي، عن أبي عبد اللّه عليه السَّلام قال: «إذا تزوّج الرجل الجارية وهي صغيرة، فلا يدخل بها حتى يأتي لها تسع سنين». (الوسائل: الجزء 14، الباب 45 من أبواب مقدمات النكاح، الحديث 1)

ويتبين مما تقدم انّ التسع أمارة طبيعية للبلوغ كشف عنها الشارع، وذلك لاَنّ المراد من البلوغ هو حدوث طفرة أو قفزة نوعيّة في مزاج الاِنسان وبُنيته توَثر في عظمه ولحمه وعصبه وحاسته وفكره شيئاً فشيئاً.